التخيير بين الثلج وماء النهر في صحيح ابن مسلم في التمكن من الاغتسال به ، سيما مع الأمر به فيه ، كظهور أخبار الدهن وما بعدها في الاجتزاء بذلك اختيارا ، ومعارضتها بما دل (١) على اعتبار الجريان فيما يغتسل به الجنب ـ قاصرة عن إثبات هذا الحكم من وجوه كثيرة ، بل لعل الظاهر منها إرادة بيان أقل أفراد الغسل ، وهو ما اشتمل على إجراء الماء باليد كالدهن ، كما يشعر به عدة أمور اشتملت عليها ، بل عن حاشية المجلسي نسبة تنزيلها على ذلك الى الأصحاب ، وسيما مع ندرة تحقق الإمساس من دون إمكان إجراء ماء ولو بمعين ، وقد تقدم لنا في باب الوضوء عند قول المصنف : « ويجزى مسمى الغسل » ما له نفع تام في المقام ، فلاحظ.
وأقصر منها التعليل وما بعده ، إذ هو مع أن قضيته التقديم على التيمم ولا يقول به الخصم لا دليل على وجوب الإمساس في نفسه ، بل لو كان مقدمة للغسل فبعد انتفائه انتفى ، وعدم سقوط الميسور بالمعسور ونحوه لا يجري في الاجزاء العقلية كالجنس والفصل ونحوهما ، كما هو واضح ، والاحتياط لا دليل على وجوبه حتى يعارض أصالة البراءة واستصحاب التكليف بالصلاة مع أنه قد يعارض بمثله لا يصلح لإثبات حكم لا دليل عليه ، كعموم ما دل على عدم سقوط الصلاة بحال ، مع أنه قد يكون طريقا لم يصل إلينا.
فالتحقيق الذي لا محيص عنه في المقام انه ان أمكن تحصيل مسمى الغسل بالثلج ونحوه ولو كالدهن وجب بل مقدم على التيمم ، لأنه أحد أفراد الطهارة الاختيارية ، والا فلا وفاقا للسرائر والمعتبر وجامع المقاصد وغيرها ، ومن العجيب ما عساه يظهر من المقنعة بل في كشف اللثام أنه نصها ، ومحتمل المبسوط والوسيلة كما عن النهاية من تقديم التيمم على الاغتسال بالثلج وإن حصل مسمى الغسل لظهور الأدلة ، بل لعل
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب الجنابة ـ الحديث ١.