بما سمعته سابقا من عموم طهارة اليابس وغيره ، وهو وان كان بالعموم من وجه إلا انه يرجح عليه بالاعتضاد بالأصل ، والصحيحين (١) وتلك القاعدة ، وسكوت الأصحاب عن الفرق بينه وبين سائر النجاسات ، مع استبعاد خفاء مثل هذا الحكم عليهم إلى زمن العلامة ، كاستبعاد وكول بيان الأئمة عليهمالسلام وإخراجه عما ضربوه من تلك القاعدة الكلية إلى مثل هذه الإطلاقات التي لا زالوا يستعملونها في بيان نجاسة العين في الجملة ، بل قد يومي تركهم التعرض إلى غسل اليد ونحوها في كثير من الأخبار (٢) المسؤول فيها عن إصابة الميت في حال الحرارة والبرودة إلى عدمه ، خصوصا مع إطلاق نفي البأس في بعضها بالنسبة للأول ، وخصوصاما اشتمل منها (٣) على تقبيل الصادق عليهالسلام ولده إسماعيل مع سؤالهم إياه عن ذلك ، فقال : « لا بأس به في حال الحرارة » بل ربما يصل التأمل فيها إلى مرتبة القطع بمعونة قبح تأخير البيان والإبهام والاجمال.
ودعوى ترجيح تلك الإطلاقات بما سمعته من النسبة إلى الأصحاب في النهاية ، والمشهور والمعروف من المذهب في غيرها في غاية الوهن ، إذ لم نعرف نصا من أحد من الأصحاب قبل العلامة في ذلك ، بل ولا إطلاقا ، بل ربما كان سكوتهم عن الفرق بين نجاسة الميتة وغيرها ظاهرا في المختار.
نعم في المقنعة « وإذا وقع ثوب الإنسان على ميت من الناس قبل أن يطهر بالغسل نجسه ، ووجب عليه تطهيره بالماء ـ إلى ان قال ـ : « وإذا وقع على ميتة من غير الناس نجسه ، ووجب عليه غسله بالماء » إلى آخره. فربما استظهر منه ذلك ، وهو كما ترى لا صراحة فيه بل ولا ظهور ، لوقوع كثير من مثل ذلك منهم اعتمادا على مقدمات معلومة كما لا يخفى على الخبير الممارس.
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب النجاسات ـ الحديث ٥ و ٧.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب غسل المس.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب غسل المس ـ الحديث ٢.