البجلي ) وروي عن إبراهيم الأدهم أنّه قال : ما سمعت في المسح على الخفّين أحسن من حديث جرير. (١)
فأخرج مسلم عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن همام قال : بال جرير ثمّ توضّأ ومسح على خفّيه ، فقيل : تفعل هذا قال : نعم ، رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بال ثمّ توضأ ومسح على خفّيه.
قال الأعمش ، قال إبراهيم : كان يعجبهم هذا الحديث ، لأنّ إسلام جرير كان بعد نزول المائدة.
وقد فسر النووي وجه إعجابهم بقوله : إنّ الله تعالى قال في سورة المائدة : ( فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ ) فلو كان إسلام جرير متقدّما على نزول المائدة ، لاحتمل كون حديثه في مسح الخف منسوخا بآية المائدة ، فلمّا كان إسلامه متأخّرا علمنا أنّ حديثه يعمل به ، وهو مبين انّ المراد بآية المائدة غير صاحب الخف ، والسنّة مخصّصة للآية ، والله أعلم. (٢)
يلاحظ عليه : أوّلا : بأنّه خبر واحد لا ينسخ الكتاب به ، فان للكتاب العزيز مكانة عظيمة لا يجاريه شيء سوى السنة المتواترة أو الخبر المحفوف بالقرائن المفيدة للعلم لا الخبر الواحد فضلا عن حديث يتعجّب راويه عن عمل جرير ، فلو كان شيئا شائعا بين المسلمين لما تعجّب منه.
وثانيا : أنّ الاحتجاج به فرع أن يكون إسلام جرير بعد نزول المائدة وهو غير ثابت ، بل الثابت خلافه حيث أسلم قبله.
__________________
١. شرح صحيح مسلم للنووي : ٣ / ١٦٤ ـ ١٦٥ ، الحديث ٧٢.
٢. المصدر السابق : ٣ / ١٦٨.