الفرعي ، وما أكثر الخلاف في الأحكام الفرعية ؛ ومع ذلك نرى أنّ شهاب الدّين أحمد بن محمد القسطلاني ينقل في شرحه على صحيح البخاري عن الكرخي أنّه قال : أخاف الكفر على من لا يرى المسح على الخفّين ، وليس [ المسح ] بمنسوخ ، لحديث مغيرة في غزوة تبوك وهي آخر غزواته صلىاللهعليهوآلهوسلم والمائدة نزلت قبلها في غزوة المريسيع ، فأين النسخ للمسح. (١)
ولا يخفى ما في كلامه من الوهن.
أمّا أوّلا : فإنّ ما ذكره لا يخلو من المغالاة في القول ، إذ أي ملازمة بين عدم تجويز المسح على الخفّين والخروج عن حظيرة الإسلام ، وليس في المسألة إلاّ خبر واحد كخبر المغيرة ، غير المفيد علما ولا قطعا.
واتّهام المخالف بالكفر سيئة موبقة ، وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إذا كفّر الرجل أخاه فقد باء بها أحدهما ». (٢)
وثانيا : أنّ المائدة نزلت قبل رحيله صلىاللهعليهوآلهوسلم بثلاثة أشهر أو أقلّ ، وأمّا غزوة المريسيع ، فقد كانت في شهر شعبان من العام السادس من الهجرة ، وقيل قبله. (٣) نعم نزل فيها آية التيمّم وهي قوله سبحانه ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلاَّ عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً ). (٤)
__________________
١. في المصدر مكان أين : فأمن. راجع : إرشاد الساري : ١ / ٢٧٨.
٢. صحيح مسلم : ١ / ٥٦ ، كتاب الإيمان ، باب من قال لأخيه يا كافر.
٣. السيرة النبوية : ٢ / ٢٨٩.
٤. النساء : ٤٣.