سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم جهر بـ ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ). (١)
فلأجل هذا التعارض لا يمكن الاعتماد عليه.
وقد كفانا الرازي في الإجابة عن الحديثين اللّذين هما العمدة في القول بالترك أو بالسرّ قال :
قال الشيخ أبو حامد الأسفرايني : روي عن أنس في هذا الباب ست روايات ، أمّا الحنفية فقد رووا عنه ثلاث روايات :
إحداها قوله : صلّيت خلف رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وخلف أبي بكر وعمر وعثمان ، فكانوا يستفتحون الصلاة بـ ( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ).
وثانيتها قوله : إنّهم ما كانوا يذكرون ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ).
وثالثتها قوله : لم أسمع أحدا منهم قال ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) ، فهذه الروايات الثلاث تقوي قول الحنفية ، وثلاث أخرى تناقض قولهم :
إحداها : ما ذكرنا أنّ أنسا روى أنّ معاوية لمّا ترك ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) في الصلاة أنكر عليه المهاجرون والأنصار ، وقد بيّنا أنّ هذا يدلّ على أنّ الجهر بهذه الكلمات كالأمر المتواتر فيما بينهم.
وثانيتها : روى أبو قلابة عن أنس أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأبا بكر وعمر كانوا يجهرون ببسم الله الرّحمن الرحيم.
وثالثتها : أنّه سئل عن الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم والإسرار به فقال : لا أدري هذه المسألة.
فثبت أنّ الرواية عن أنس في هذه المسألة قد عظم فيها الخبط والاضطراب ، فبقيت متعارضة فوجب الرجوع إلى سائر الدلائل.
__________________
١. لاحظ ص ٢١٥ ـ ٢١٦ ، الرواية ٢ و ٤.