الأصاغر ، والعلماء على غير العلماء ، والأشراف على الأعراب ، ولا شكّ أنّ عليا وابن عباس وابن عمر كانوا أعلى حالا في العلم والشرف وعلوّ الدرجة من أنس وابن المغفل ، والغاية على الظن أنّ عليا وابن عباس وابن عمر كانوا يقفون بالقرب من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وكان أنس وابن المغفل يقفان بالبعد منه ، وأيضا أنّه عليهالسلام ما كان يبالغ في الجهر امتثالا لقوله تعالى ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها ) (١) ، وأيضا فالإنسان أوّل ما يَشْرع في القراءة إنّما يَشْرع فيها بصوت ضعيف ثمّ لا يزال يقوى صوته ساعة فساعة ، فهذه أسباب ظاهرة في أن يكون علي وابن عباس وابن عمر وأبو هريرة سمعوا الجهر بالتسمية من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وإنّ أنسا وابن المغفل ما سمعاه.
الثالث : لعلّ المراد من عدم الجهر في حديث ابن المغفل عدم المبالغة في رفع الصوت ، كما قال تعالى ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها ).
الرابع : أنّ الدلائل العقلية موافقة لنا ، وعمل علي ابن أبي طالب عليهالسلام معنا ، ومن اتّخذ عليا إماما لدينه ( فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى ) في دينه ونفسه.
٤. ما روي عن أبي هريرة ، انّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : يقول الله تعالى : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، فلما قال العبد ( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ) ، يقول الله تعالى : حمدني عبدي ، وإذا قال ( الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) ، يقول الله تعالى : أثنى عليّ عبدي ، وإذا قال ( مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) ، يقول الله تعالى : مجّدني عبدي ، وإذا قال ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) يقول الله تعالى : هذا بيني وبين عبدي.
والاستدلال بهذا الخبر من وجهين :
الأوّل : انّه عليه الصلاة والسّلام لم يذكر التسمية ولو كانت آية من الفاتحة
__________________
١. الإسراء : ١١٠.