قال الشيخ الطوسي في « الخلاف » : التقصير في السفر فرض وعزيمة ، والواجب في هذه الصلوات الثلاث : الظهر والعصر والعشاء الآخرة ركعتان ، فإن صلّى أربعا مع العلم وجب عليه الإعادة.
وقال أبو حنيفة مثل قولنا : إلاّ أنّه قال : إن زاد على ركعتين ، فإن كان تشهد في الثانية صحّت صلاته وما زاد على اثنتين يكون نافلة إلاّ أن يأتم بمقيم فيصلي أربعا فيكون الكل فريضة أسقط بها الفرض.
والقول بأنّ التقصير عزيمة مذهب علي عليهالسلام وعمر ، وفي الفقهاء مذهب أبي حنيفة وأصحابه.
وقال الشافعي : هو بالخيار بين أن يصلّي صلاة السفر ركعتين وبين أن يصلّي صلاة الحضر أربعا ، فيسقط بذلك الفرض عنه.
وقال الشافعي : التقصير أفضل.
وقال المزني : والإتمام أفضل ، وبمذهبه قال في الصحابة : عثمان وعبد الله بن مسعود وسعد بن أبي وقاص وعائشة ، وفي الفقهاء : الأوزاعي وأبو ثور. (١)
هذه هي الأقوال.
ثمّ إنّ البحث في صلاة المسافر واسع المجال ، فيبحث فيها تارة عن المسافة التي يجوز فيها القصر ، وأخرى عن نوع السفر وانّه هل يختص القصر بالسفر المباح أم يعم سفر المعصية أيضا؟ وثالثة في الموضع الذي يبدأ منه المسافر بالقصر ؛ ورابعة في مقدار الزمان الذي يتمّ فيه المسافر إذا أقام في موضع ، فهناك من يقول يكفي نيّة إقامة أربعة أيام كالمالكية والشافعية (٢) ، وهناك من يقول بأنّه
__________________
١. الخلاف : ١ / ٥٦٩ ، كتاب الصلاة ، المسألة ٣٢١.
٢. الفقه الإسلامي وأدلّته : ٢ / ٣٣٨ ـ ٣٣٩ ، نقلا عن الشرح الكبير ومغني المحتاج.