ثمّ إنّ بعض من يحاول إخضاع الرواية على فقه إمام مذهبه ناقش فيها بوجوه واهية ، نقلها الشوكاني في كتابه ، وإليك نصها :
أ. انّ الحديث من قول عائشة غير مرفوع ، وانّها لم تشهد زمان فرض الصلاة وانّه لو كان ثابتا لنقل تواترا.
يلاحظ عليه : بأنّ مقتضى عدالة الراوي هو انّه سمع الحديث من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أو من عدل آخر سمعه منه.
ولو اقتصرنا في الأخذ بروايات عائشة على زمن ملازمتها للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لسقط قسط كبير من رواياتها عن الاعتبار ، فإنّها كثيرا ما تروي حوادث لم تشاهدها ، ونذكر في المقام كنموذج رواية كيفية نزول الوحي على النبي ، نقلها البخاري في صحيحه على وجه التفصيل.
كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يجاور في حراء من كلّ سنة شهرا حتّى إذا كان الشهر الذي بعثه الله سبحانه فيه خرج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى حراء حتّى إذا كانت الليلة التي أكرمه الله فيها برسالته ، جاءه جبرئيل بأمر الله ، ولنترك وصف ذلك إلى ما ورد عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بقوله :
« فجاءني جبرئيل وأنا نائم بنمط من ديباج فيه كتاب فقال : اقرأ؟ قلت : ما اقرأ؟
فغتني به حتى ظننت انّه الموت ثمّ أرسلني فقال : اقرأ؟ قال : قلت : ما أقرأ؟
قال : فغتني به حتى ظننت انّه الموت ثمّ أرسلني فقال : اقرأ؟ قال : قلت : ما ذا أقرأ. (١)
ترى أنّها كيف ترسل كيفية نزول الوحي على الرسول مع أنّها لم
__________________
١. صحيح البخاري : ١ / ٣ و ٣ / ١٧٣ في تفسير سورة العلق.