فتوى إمامهم عن الإصحار بالحقيقة.
يقول الطبري : فمن كان منكم مريضا ممن كلّف صومه أو كان صحيحا غير مريض وكان على سفر فعدّة من أيام أخر ( يقول ) فعليه صوم عدّة الأيام التي أفطرها في مرضه أو في سفره من أيام أخر ، يعني من أيّام أخر غير أيّام مرضه أو سفره. (١)
فظاهر قوله : « فعليه صوم عدّة أيّام » أي يلزم عليهما صوم تلك العدة ، ومع لزوم القضاء مطلقا كيف يكون مخيّرا بين الإفطار والصيام؟!
قال ابن كثير ( فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) أي المريض والمسافر لا يصومان في حال المرض والسفر ، لما في ذلك من المشقة عليهما ، بل يفطران ويقضيان بعدة ذلك من أيام أخر. (٢)
وفي الوقت نفسه هو يقول بعد صفحة ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) فأثبت الله صيامه على المقيم الصحيح ورخّص فيه للمريض والمسافر. (٣) فأين قوله : « لا يصومان في حال المرض والسفر » من قوله : ويرخّص فيه للمريض والمسافر؟!
فالتعبير الأوّل تعبير عن ظهور الآية جرى على قلمه بصورة عفوية من دون أن يلتفت إلى مذهب إمامه ، والجملة الثانية صدرت منه ـ غفلة عمّا ذكره ـ لدعم رأي إمام مذهبه.
تقدير « فأفطر » لتطبيق الآية على المذهب
ثمّ إنّ بعض المفسرين لما أدرك ظهور الآية في لزوم الإفطار وصيام أيّام أخر
__________________
١. تفسير الطبري : ٢ / ٧٧.
٢. تفسير القرآن العظيم : ١ / ٣٧٦.
٣. المصدر نفسه : ١ / ٣٧٨.