ولا ينقضي تعجّبي منه ، حيث إنّه يصفه بأنّه تأويل ـ ومع ذلك يصرّ على صحة فتوى الجمهور ، ومع أنّه يندّد في ثنايا تفسيره بجملة من المقلّدين لأئمّة مذاهبهم حيث يؤوّلون ظواهر الآية تطبيقا لها لفتوى مذهب إمامهم ، ويقول في مسألة الطلاق ثلاثا ـ التي اختار فيها تبعا لظاهر القرآن بأنّه لا يقع إلاّ مرة واحدة ـ : ليس المراد مجادلة المقلّدين أو إرجاع القضاة والمفتين عن مذاهبهم فإنّ أكثرهم يطّلع على هذه النصوص في كتب الحديث وغيرها ولا يبالي بها ، لأنّ العمل عندهم على أقوال كتبهم دون كتاب الله وسنّة رسوله. (١)
وقد ردّ غير واحد من علماء الإمامية على من قدّر « فأفطر » بغية إثبات التخيير.
يقول الشيخ الطوسي : وفي هذه الآية دلالة على أنّ المسافر والمريض يجب عليهما الإفطار ، لأنّه تعالى أوجب عليهما القضاء مطلقا ، وكلّ من أوجب عليه القضاء بنفس السفر والمرض ، أوجب الإفطار.
فإن قدّروا في الآية « فأفطر » كان ذلك على خلاف الآية. وبوجوب الإفطار في السفر قال عمر بن الخطاب ( وقد ذكر أسماء عدّة من الصحابة والتابعين القائلين بوجوب الإفطار الذين ذكرنا أسماءهم في صدر البحث ). (٢)
يقول العلاّمة الطباطبائي ( فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) « الفاء » للتفريع ، والجملة متفرعة على قوله : « كتب » وقوله : « معدودات » أي انّ الصيام مكتوب مفروض عليهم فيها.
ثمّ يقول : وقد قدّر القائلون بالرخصة في الآية تقديرا فقالوا : إنّ التقدير
__________________
١. تفسير المنار : ٢ / ٣٨٦.
٢. التبيان : ٢ / ١٥٠.