٢. وقال ابن عبد البر في ترجمة عمر : وهو الذي نوّر شهر الصوم بصلاة الاشفاع فيه. (١)
قال الوليد بن الشحنة عند ذكر وفاة عمر في حوادث سنة ٢٣ ه : وهو أوّل من نهى عن بيع أمهات الأولاد. وأوّل من جمع الناس على إمام يصلّي بهم التراويح. (٢)
إذا كان المفروض أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يسنّ الجماعة فيها ، وإنّما سنّها عمر ، وهل يكفي تسنين الخليفة في مشروعيتها؟ مع أنّه ليس لإنسان ـ حتى الرسول ـ حقّ التسنين والتشريع ، وإنّما هو صلىاللهعليهوآلهوسلم مبلغ عن الله سبحانه.
إنّ الوحي يحمل التشريع إلى النبي الأكرم وهو صلىاللهعليهوآلهوسلم الموحى إليه وبموته انقطع الوحي وسدّ باب التشريع والتسنين ، فليس للأمة إلاّ الاجتهاد في ضوء الكتاب والسنّة ، لا التشريع ولا التسنين ، ومن رأى أنّ لغير الله سبحانه حقّ التسنين فمعنى ذلك عدم انقطاع الوحي.
قال ابن الأثير في نهايته ، قال : ومن هذا النوع قول عمر : نعم البدعة هذه ( التراويح ) لما كانت من أفعال الخير وداخلة في حيز المدح سماها بدعة ومدحها ، إلاّ أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يسنّها لهم وإنّما صلاّها ليالي ثم تركها ، ولم يحافظ عليها ، ولا جمع الناس لها ، ولا كانت في زمن أبي بكر وإنّما عمر جمع الناس عليها وندبهم إليها ، فبهذا سمّاها بدعة وهي في الحقيقة سنّة ، لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « عليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين من بعدي » ، وقوله : « اقتدوا باللّذين من بعدي أبي بكر وعمر ». (٣)
__________________
١. الاستيعاب : ٣ / ١١٤٥ برقم ١٨٧٨.
٢. روضة المناظر كما في النص والاجتهاد : ١٥٠.
٣. النهاية : ١ / ٧٩.