يخطب وهو خليفة ، فقال في خطبته : ألا أنّ ما سنّ رسول الله وصاحباه فهو دين نأخذ به وننتهي إليه ، وما سنّ سواهما فإنّا نرجئه. (١)
وعلى كل تقدير ، نحن لسنا بمؤمنين بأنّه سبحانه فوّض أمر دينه في التشريع والتقنين إلى غير الوحي ، وفي ذلك يقول الشوكاني : والحقّ أنّ قول الصحابي ليس بحجة ، فإنّ الله سبحانه وتعالى لم يبعث إلى هذه الأُمّة إلاّ نبيّنا محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم وليس لنا إلاّ رسول واحد ، والصحابة ومن بعدهم مكلّفون على السواء باتّباع شرعه والكتاب والسنّة ، فمن قال إنّه تقوم الحجّة في دين الله بغيرهما ، فقد قال في دين الله بما لا يثبت ، وأثبت شرعا لم يأمر به الله. (٢)
نقل القسطلاني عن ابن التين وغيره : إنّ عمر استنبط مشروعيته من تقرير النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ومن صلّى معه في تلك الليالي وإن كان كره ذلك لهم فإنّما كرهه خشية أن يفرض عليهم. فلمّا مات النبيّ حصل الأمن من ذلك ورجح عند عمر ذلك لما في الاختلاف من افتراق الكلمة ، ولأنّ الاجتماع على واحد أنشط لكثير من المصلّين. (٣)
يلاحظ عليه : أنّه لو كانت صلاة التراويح أمرا مشروعا ومما سنّها الله سبحانه فلما ذا كرهه النبي؟! ولو كانت الكراهة لأجل الخشية من الفرض ، يكفي في دفعها ، إقامتها حينا بعد حين ، فدخوله البيت وعدم حضوره في المسجد ، طيلة عمره دالّ على أنّها لم تكن مشروعة ، إذ لو كانت مسنونة لما تركها النبي بتاتا ، وقد
__________________
١. تاريخ المذاهب الإسلامية. كما في بحوث مع أهل السنّة : ٢٣٥.
٢. المصدر نفسه.
٣. فتح الباري : ٤ / ٢٠٤.