مرّ انّ التشريع المجرّد عن التطبيق على الصعيد العملي لغو (١) لا يصدر من الله سبحانه.
روى أبو يوسف قال : سألت أبا حنيفة عن التراويح وما فعله عمر ، قال : التراويح سنّة مؤكّدة ، ولم يتخرص عمر من تلقاء نفسه ولم يكن فيه مبتدعا ولم يأمر به إلاّ عن أصل لديه وعهد من رسول الله. ولقد سنّ عمر هذا وجمع الناس على أبي بن كعب فصلاها جماعة والصحابة متوافرون من المهاجرين والأنصار وما رد عليه واحد منهم بل وافقوه وأمروا بذلك. (٢)
يلاحظ عليه : بأنّه برر عمل الخليفة بالوجوه التالية :
١. أصل لديه ، ٢. عهد من رسول الله ، ٣. لم يعترض عليه أحد من الصحابة.
يلاحظ على الأوّل ما ذا يريد من الأصل الموجود لدى الخليفة ، وهل كان هذا الأصل يختص بالخليفة أو يعمّ غيره؟
وعلى الثاني ما هو العهد الذي كان عهده إليه رسول الله سوى انّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم امتنع من إقامتها جماعة وأمر بإقامتها في البيوت؟
وعلى الثالث من أنّ أئمّة أهل البيت وعلى رأسهم علي بن أبي طالب عليهالسلام اعترض عليه ووصفها بالبدعة ولم تكن يوم ذاك آذان صاغية.
وختاما نقول : إنّ ما ثبت عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يتجاوز عن انّه صلّى صلاة الليل ليلة أو ليلتين إلى أربع ليالي جماعة ثمّ دخل بيته ولم يخرج ، فلو قلنا بأنّ عمل النبي هذا في هذه الظروف المحدقة بالإبهام حجّة ، وغضضنا النظر عمّا حوله من ردود من النبي على إقامتها جماعة ، فلا يصحّ لنا إلاّ هذا المقدار ( ثماني ركعات ) بشرط أن تكون الصلاة صلاة الليل لا مطلق النوافل.
__________________
١. لاحظ ص ٤٠٤.
٢. الموسوعة الفقهية الكويتية : ١٣٨٢٧ نقلا عن فتح القدير : ١ / ٣٣٣.