وممّا لا شكّ فيه أنّ من وراء سنّة الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم ( الذي لا ينطق عن الهوى ) في عدم إقامة صلاة التراويح جماعة ، حكمة سامية ، قد تتجلى في الآثار الإيجابية التي ترتّب على إقامتها في البيوت فرادى ، حيث يقف المصلّي بين يدي ربّه عزّ وجلّ خاشعا خائفا راجيا ، يبثّه همومه وأحزانه ، ويستمطر رحمته وعفوه وغفرانه ، ينقطع إليه تعالى بكلّه لا يشغله عن ذلك شاغل ، ولا تكدّر موقفه شائبة من شوائب العجب والتباهي والرياء.
ثمّ إنّ إقامتها في البيوت يشيع عليها جوا من الإيمان والطهر والبركة والصفاء ، حيث لا يخلو البيت من ذكر وتسبيح وصلوات.
ولا ريب أنّ من يقطن في البيت ( من زوجة وأولاد وغيرهم ) سوف يعيش في رحاب هذه الأجواء ، ويتنسّم أريجها الفوّاح ، وذلك لعمري من العوامل التربوية المهمة في الأخذ بأيديهم إلى حيث الهدى والصلاح والاستقامة والسلوك القويم.
يقول السيد شرف الدين : إنّ فائدة إقامتها في البيت فرادى ، وهي إنّ المصلّي حين يؤديها ينفرد بربه عزّ وعلا يشكو إليه بثّه وحزنه ويناجيه بمهماته مهمة مهمة حتى يأتي على آخرها ملحّا عليه ، متوسّلا بسعة رحمته إليه ، راجيا لاجئا ، راهبا راغبا ، منيبا تائبا ، معترفا لائذا عائذا ، لا يجد ملجأ من الله تعالى إلاّ إليه ، ولا منجى منه إلاّ به.
لهذا ترك الله السنن حرة من قيد الجماعة ليتزوّدوا فيها من الانفراد بالله ما أقبلت قلوبهم عليه ، ونشطت أعضاؤهم له ، يستقلّ منهم من يستقل ، ويستكثر من يستكثر ، فإنّها خير موضوع ، كما جاء في الأثر عن سيّد البشر.
إمّا ربطها بالجماعة فيحدّ من هذا النفع ، ويقلّل من جدواه.
أضف إلى هذا أنّ إعفاء النافلة من الجماعة يمسك على البيوت حظّها من