والنصرة والتكافل الاجتماعي ، ثمّ يقول : إنّ الله إذ يربط الزواج بغريزة الجنس لم يكن ليقصد مجرد قضاء الشهوة ، بل قصد أن يكون على النحو الذي يحقّق ذلك المقصد بخصائصه من تكوين الأسرة التي شرع أحكامها التفصيلية في القرآن الكريم.
وعلى هذا فان الاستمتاع مجردا عن الأنجاب وبناء الأسرة ، يحبط مقصد الشارع من كلّ أصل تشريع النكاح. (١)
يلاحظ عليه بوجوه :
الأوّل : أنّ الأستاذ خلط علّة التشريع ومناطه ، بحكمته ، فإنّ العلّة عبارة عمّا يدور الحكم مدارها ، يحدث الحكم بوجودها ويرتفع بارتفاعها ، وهذا بخلاف الحكمة ، فربّما يكون الحكم أوسع منها ، وإليك توضيح الأمرين :
إذا قال الشارع اجتنب المسكر ، فالسكر علّة وجوب الاجتناب بحجّة تعليق الحكم على ذلك العنوان ، فما دام المائع مسكرا ، له حكمه ، فإذا انقلب إلى الخلّ يرتفع.
وأمّا إذا قال ( وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ. ). (٢)
فالتربّص ـ لأجل تبيّن وضع الرحم ، وإنّها هل تحمل ولدا أو لا؟ ـ حكمة الحكم ، لا علّته ، ولأجل ذلك نرى أنّ الحكم أوسع منها بشهادة أنّه يجب التربّص
__________________
١. الدكتور الدريني في تقديمه لكتاب « الأصل في الأشياء الحلية. ولكن المتعة حرام » وكلّما ننقله منه فهو من تقديمه لهذا الكتاب ولاحظ أيضا : المنار : ٥ / ٨ فإنّ عامة اعتراضاته مأخوذة من هذا الكتاب. كما أنّ المنار ، في طرح الشبهات عيال على غيره حيّا الله الأمانة.
٢. البقرة : ٢٢٨.