فكم فرق بين أن يرجع اسم الإشارة إلى أنّ المسح على الرجلين هو وضوء من لم يحدث ، وبين أن ترجع إلى مجموع ما ورد في الرواية من الغسل والمسح بكفّ من الماء؟! وإن كنت في شكّ من ذلك فنتلو عليك نصوص تلك الروايات :
١. ما رواه الحافظ البيهقي حيث قال : أخبرنا أبو علي الروذباري ، حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محويه العسكري ، حدثنا جعفر بن محمد القلانسي ، حدثنا آدم ، حدثنا شعبة ، حدثنا عبد الملك بن ميسرة ، سمعت النزال بن سبرة يحدث عن علي بن أبي طالب أنّه صلّى الظهر ، ثم قعد في حوائج الناس في رحبة الكوفة حتى حضرت صلاة العصر ، ثم أتي بكوز من ماء ، فأخذ منه حفنة واحدة ، فمسح بها وجهه ويديه ورأسه ورجليه ، ثم قام فشرب فضله وهو قائم ، ثم قال : إنّ ناسا يكرهون الشرب قائماً ، وإنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم صنع كما صنعت ، وقال : هذا وضوء من لم يحدث. رواه البخاري في الصحيح عن آدم بن أبي إياس ببعض معناه (١).
٢. عن إبراهيم قال : كان علي إذا حضرت الصلاة دعا بماء ، فأخذ كفّا من ماء ، فتمضمض منه واستنشق منه ، ومسح بفضلة وجهه وذراعيه رأسه ورجليه ، ثم قال : هذا وضوء من لم يحدث (٢).
ترى أنّ الإمام اكتفى في الوضوء بكف ماء وحفنة منه مع أنّه غير كاف في الوضوء الواجب باتفاق الأمّة ، ولأجل ذلك نبّه المخاطب بأنّه وضوء من لم يحدث ، وإلا فعلى المحدث أن يسبغ ماء الوضوء بأكف وحفنات ، فمحور المذاكرة بين
__________________
١. سنن البيهقي : ١ / ٧٥ ، دار الفكر ، بيروت. ولاحظ كنز العمال : ٩ / ٤٧٤ ، الحديث ٢٧٠٣٠ ، مسند أحمد بن حنبل : ١ / ١٦٤ ، الحديث ٧٩٩.
٢. كنز العمال : ٩ / ٤٥٦ ، الحديث ٢٦٩٤٩.