ذلك ، لأنّ البخاري ذكرها تحت عنوان باب غسل الرجلين ، ومن المعلوم أنّ تبويب المحدّث وذكر الحديث تحت عنوان لا يثبت ظهورا له فيه ، فعلى المجتهد بذل الجهد في فهم الرواية.
بقي الكلام في أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم لما ذا دعا بالويل للأعقاب من النار؟ فيه وجوه واحتمالات أرجحها أنّه كان قوم من طغام العرب يمشون حفاة ولا يبالون من تلبيس الأرجل بأي نجاسة ، وكانوا يتوضّئون ويمسحون أرجلهم دون غسلها قبل الوضوء من آثار النجاسة ، فتوعّدهم النبي بما قال.
على أنّ النبي من أفصح العرب وأفضل من نطق بالضاد ، فلو أراد بكلمته هذه التنبيه على وجوب غسل الأرجل لأتى بكلمة واضحة الدلالة ، ترشد المكلّف إلى وظيفته لا أن يتوصل بكلمة غامضة لإفادة مراده ، أعني قوله : « ويل للأعقاب من النار ».
وهذه هي حال الصحاح من الروايات ، وإليك ما نقل في ذلك المجال من ضعافها ، وحسبك ما نذكره فيما يلي :
١. عن ابن أبي مليكة قال : رأيت عثمان بن عفان يسأل عن الوضوء؟ فدعا بماء فأتى بميضاة ، فأصغى على يده اليمنى ، ثم أدخلها في الماء فتمضمض ثلاثا واستنثر ثلاثا وغسل وجهه ثلاثا ، ثم غسل يده اليمنى ثلاثا وغسل يده اليسرى ثلاثا أدخل يده فأخذ ماء فمسح برأسه وأذنيه فغسل بطونهما وظهورهما مرّة واحدة ، ثم غسل رجليه ، ثم قال : أين السائلون عن الوضوء؟ هكذا رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يتوضّأ (١).
__________________
١. جامع الأصول : ٧ / ١٥٥.