ثمّ إنّ المراد بالإجزاء في المقام (١) ـ كما ستعرف ـ هو المعنى الثاني. وعلى تقديره لا اختلاف بينهما إلاّ بحسب القيود المعتبرة في المعنى الاصطلاحي ، فيكون المعنى : أنّ الإتيان بالفعل المأمور به على وجهه هل يقتضي الكفاية عن الإتيان به ثانيا؟ ولا يفرق في ذلك بين كون المأتيّ به مماثلا للمأتي به أوّلا أو مغايرا له بزيادة شيء عليه ؛ لعدم اختلاف معنى الكفاية بذلك.
فما قد يتوهّم : من أنّ العلاقة في المماثلة هي الفرديّة وفي الثاني هي المشابهة ممّا لا وجه له ؛ إذ على ما عرفت لا يكون هناك مجاز في استعمال الإجزاء أصلا ، غاية ما في الباب اختلاف متعلّق لفظ « الإجزاء » على الوجهين ، ولا مدخل لاختلافه فيه.
فالظاهر أنّه لم يثبت لأهل الاصول في لفظ « الإجزاء » اصطلاح جديد ؛ وتفسيرهم له بإسقاط القضاء إنّما هو من باب بيان محصّل المراد ، لا أنّه يراد من لفظ « الإجزاء » خصوص إسقاط القضاء المترتّب عليه كون العلاقة المشابهة أو الفرديّة ، كما لا يخفى.
وممّا ذكرنا يظهر الوجه في عدم حاجة إرادة معنى آخر غير الكفاية من لفظ « الإجزاء » بالنسبة إلى المعنى الأوّل أيضا ؛ إذ المعنيّ من العنوان على ذلك التقدير ، هو أنّ الإتيان بالمأمور به هل يوجب الكفاية عن التعبّد به أم لا؟ فلا حاجة إلى اعتبار علاقة السببيّة بالنسبة إلى المعنى الأوّل (٢) ؛ نظرا إلى أنّ إسقاط التعبّد به ليس هو الكفاية ، بل هو مسبّب عن الكفاية.
واعلم : أنّ المراد بـ « الوجه » في العنوان هو الإتيان بالمأمور به مشتملا على جميع ما يعتبر فيه شطرا أو شرطا.
__________________
(١) في « ع » بدل « في المقام » : « هنا ».
(٢) لم ترد عبارة « أيضا إذ المعنيّ ـ إلى ـ المعنى الأوّل » في « ع ».