هداية
قد عرفت فيما تقدّم اعتبار المندوحة في حريم النزاع ، كما عرفت أنّ الوجه في ذلك هو دفع ما قد يتوهّم من أنّ الاجتماع يوجب التكليف بما لا يطاق ، حيث إنّه بعد اعتبار المندوحة لا وجه لذلك. نعم ، فيما ليس للمكلّف مندوحة يلزم ذلك ، كمن توسّط أرضا مغصوبة ، فإنّه مأمور بالخروج ومنهيّ عن الغصب ومنه الخروج المذكور ، ولا يمكن انفكاك جهتي الأمر والنهي ، كما هو ظاهر.
ثمّ إنّ ذلك إمّا أن يكون بتوسّط المكلّف وسوء اختياره أو لا يكون.
لا إشكال في امتناع التكليفين فيما إذا لم يكن الوجه في عدم الانفكاك هو التكليف على قواعد العدليّة ، لا بواسطة أنّه تكليف بالمحال ، بل بواسطة استحالة وجود التكليفين الراجعين عند العدليّة إلى الإرادة والكراهة.
وأمّا إذا كان الوجه في الانحصار وعدم الانفكاك هو المكلّف ، فالأقوال فيه ثلاثة :
فقيل بالجواز ، وهو المحكيّ عن أبي هاشم على ما نسب إليه العلاّمة ، حيث أفاد في محكيّ النهاية : أطبق العقلاء كافّة على تخطئة أبي هاشم في قوله بأنّ الخروج تصرّف في المغصوب فيكون معصية فلا تصحّ الصلاة وهو خارج سواء تضيّق الوقت أم لا (١).
واختاره المحقّق القمّي رحمهالله ناسبا له إلى أكثر أفاضل متأخّري أصحابنا وظاهر
__________________
(١) نهاية الوصول : ١١٧.