هداية
في ذكر احتجاج المفصّل بين السبب وغيره ، وقد مرّ الكلام في المراد من « السبب » فيما تقدّم ، وأنّه لم يظهر لنا وجه في المراد منه بعد عدم إرادة العلّة التامّة منه ، إذ لا يعقل أن تكون واجبة ، لاشتمالها على امور غير اختياريّة خارجة عن مقدرة المكلّف. ويحتمل أن يراد به ما عدا غير المقدور من أجزاء العلّة التامّة الذي يعدّ في العادة سببا.
وكيف كان ، فالمنقول من احتجاجهم وجوه :
أمّا الوجوب في السبب : فلإجماعات نقلها الآمدي (١) والتفتازاني (٢) وغيرهما في خصوص السبب. ولأنّ وجود المسبّب عند وجود السبب ضروريّ وعند عدمه ممتنع ، فلا يمكن تعلّق التكليف به لكونه غير مقدور. ولأنّ التوصّل إلى الواجب واجب إجماعا ، وليس ذلك في الشرط ـ لما سيأتي ـ فتعيّن السبب. ولأنّ الطلب إنّما يتعلّق بفعل المكلّف من الحركات الإراديّة الصادرة عنه التابعة لتحريك القوّة المنبعثة في العضلات ، وأمّا الأمور التابعة لتلك الحركات المعلولة لها فليست فعلا للمكلّف ، بل فعل المكلّف يستتبع لها استتباع العلل للمعلولات أو استتباع الأشياء للامور المقارنة اقترانا عاديّا ، فلا يمكن تعلّق التكليف بها.
وأمّا عدم الوجوب في غيره : فللأدلّة التي اعتمد عليها النافي ، مثل : عدم
__________________
(١) الإحكام ١ : ١٥٣ ، ولكن لم يختص بالسبب.
(٢) لم نعثر عليه.