قلت : قد استوفينا الكلام في توجيه ذلك في بحث المقدّمة ، وحاصله : ما نبّه عليه المحقّق القمّي رحمهالله : من عدم اتّحاد زماني الوجوب والندب (١).
فإن قيل : وجوب الغاية يكون مندوبا نفسيّا أو غيريّا عند استحباب الغاية ، ولا محذور من اجتماع الندبين فيه ، لما ستعرفه في الوجوبين ، وبعد وجوبها لم يبق الطلب الندبي بوجه ، فيكون واجبا محضا من غير شائبة الندبيّة.
وبالجملة ، فنحن نحكم بعدم اجتماع الطلبين في مورد واحد ، لاستلزامه إمّا اجتماع المثلين أو الضدّين ، والتالي من المستحيلات الأوّليّة ، والملازمة ظاهرة ممّا مر.
وممّا ذكرنا (٢) يظهر حال اجتماع الوجوبين ، مثل ما لو أمر الوالد بشيء مع تعلّق أمر الوالدة به أيضا ، فإنّ ذلك الفعل من حيث كونه منشأ لحصول إطاعة الوالد واجب ومن حيث إنّه يصير موردا لامتثال الوالدة أيضا واجب ، لكنّه لا يتّصف ذلك الفعل بوجوبين ولا يصير منشأ لانتزاع المطلوبيّة مرّتين ، بل التحقيق في ذلك هو تأكّد الطلب الناشئ من حصول الجهتين ، كما يظهر بالرجوع إلى الوجدان عند تعدّد جهات الطلب في مطلوب واحد ، من غير فرق بين وجودها فيه دفعة وبين حصولها متدرّجة في الوجود ، وبين العلم بها دفعة وبين الجهل ببعضها ، فإنّ ذلك لا مدخليّة له فيما نحن بصدده. ولا وجه للقول ببقاء أحدهما عند الله وارتفاع الآخر ، فإنّه غير آئل إلى حاصل ، فمقتضى وجود العنوانين اللذين تعلّق بكلّ واحد منهما طلب حتميّ تأكّد الطلب في الفرد الجامع لهما وزيادة الثواب.
__________________
(١) القوانين ١ : ١٤٧.
(٢) في ( م ) : ممّا ذكره.