عرفت في الفرق المذكور آنفا ـ فلا ينبغي التأمّل في فساده وسقوطه ؛ فإنّ عنوان التدارك يستحيل حصوله بعد فرض وجود المتدارك على ما هو عليه في الواقع ، فلا يصحّ قيام الدليل على وجوب التدارك.
وإن اريد منه الإتيان بالفعل بعد الإتيان به مرّة اخرى ، فهذا يتصوّر على وجهين :
فتارة يكون المأتيّ به ثانيا عين المأتيّ به في المرّة الاولى (١).
وتارة يكون المأتيّ به ثانيا أكمل من المأتيّ به في المرّة الاولى.
وعلى التقديرين لا يستحيل أن يقع فيه النزاع (٢).
وما يظهر من ملاحظة أدلّة القول بالإجزاء أنّ النزاع إنّما هو في القضاء بالمعنى الأوّل ؛ إذ لولاه لم يلزم من القول بعدم الإجزاء تحصيل الحاصل ، إذ لا استحالة في الإتيان بالفعل ثانيا على وجه العينيّة أو الأكمليّة.
وما يظهر من أدلّة النافين ـ من قضاء الصلاة مع الطهارة الاستصحابيّة ـ أنّ النزاع إنّما هو في الإتيان بالفرد الأكمل ؛ إذ لا شكّ أنّ الصلاة مع الطهارة المعلومة أكمل ، بل الظاهر من استدلالهم بوجوب قضاء الحجّ الفاسد مع الأمر بإتمامه هو وجود النزاع في الإتيان بالمثل أيضا.
وبالجملة : فلا يكاد يظهر وجه تطمئن به النفس في تشخيص محلّ الخلاف في المسألة ، وإن استظهر بعضهم (٣) كون النزاع في القضاء بالمعنى الأوّل ، لكنّه قد عرفت عدم تحقّق عنوان القضاء بالمعنى المصطلح بعد فرض الإتيان بالمأمور به على وجهه.
__________________
(١) في « م » زيادة : « فهذا لا يستحيل لو قام الدليل على وجوبه ».
(٢) لم ترد عبارة « وعلى التقديرين لا يستحيل أن يقع فيه النزاع » في « ع » و « م ».
(٣) هو المحقّق القمّي في القوانين ١ : ١٣١.