يكون الرجوع من الأحوط إلى غيره ، كما إذا رجع المفتي بنجاسة الغسالة إلى الإفتاء بطهارتها.
واخرى يكون الرجوع من غير الأحوط إلى الأحوط ، كما إذا رجع القائل بالطهارة إلى النجاسة.
والقسم الثاني أيضا على قسمين : فتارة يكون العمل مطابقا للاحتياط ، واخرى يكون مخالفا للاحتياط. والقسم الثاني أيضا ينقسم إلى قسمين ؛ إذ العمل به إمّا أن يكون على وجه الاجتهاد أو التقليد.
لا ينبغي التأمّل في عدم لزوم الحرج فيما إذا رجع عن الاحتياط إلى غيره ، وفيما إذا رجع عن غيره إليه مع العمل بالاحتياط ، وفيما إذا عمل بغير الاحتياط على وجه التقليد مع إمكان العمل بقول من يطابق رأيه رأي المفتي بخلاف الاحتياط ، فينحصر فيما إذا رجع عن غير الاحتياط إلى الاحتياط مع العمل بخلافه مع كونه مجتهدا ، أو (١) انحصار المجتهد في القائل بالنجاسة بالنسبة إلى المقلّد.
وهذا أيضا على قسمين ؛ لأنّ العمل به قد يكون في زمان قليل وقد يكون في مدّة طويلة ، والقول بالنقض في الأوّل لا يوجب عسرا وحرجا جدّا ، وفي الثاني على تقدير استلزامه فهو قليل في الغاية ، وهو لا يستلزم رفع الحكم عن جميع الموارد التي لا يوجب الحرج ؛ كيف! ولو لا ذلك لكان أكثر الأحكام الثابتة في الشريعة منفيّة ؛ إذ ما من حكم منها إلاّ ويمكن فرض استلزامه في بعض الصور والفروض عسرا ، كما يلاحظ في الوضوء والصلاة والحجّ والزكاة ونحوها.
وبالجملة : فالقول بأنّ عدم الإجزاء والنقض يلازم الحرج الغالبي على غالب الناس ، فيه منع قوي ، بل التحقيق أنّ التعويل على عموم نفي
__________________
(١) في « ط » بدل « أو » : « إذ ».