مع العلم الإجمالي فإن كان يمكن القول بالعقاب على ترك تكليفه المعلوم له ، فإنّه يجب عليه الاحتياط ، إلاّ أنّ الواقع أنّ الاحتياط أيضا واجب إرشادي لا عقاب على تركه ، وإنّما العقاب على ترك الواجبات ، فيكون العقاب عليها مع عدم العلم بها تفصيلا وامتناع امتثالها في حقّه بواسطة تفويت التكليف.
ومنها : حكمهم بعقاب من توسّط أرضا مغصوبة حال الخروج منها (١) مع أنّه يمتنع تكليفه بعدم الغصب حال الأمر بخروجه الذي هو غصب ، وليس ذلك إلاّ بواسطة أنّه فوّت التكليف على نفسه حال الدخول أوّلا.
ومنها : ما ذكره الشهيدان ، من حرمة النوم الثاني في ليلة الصيام لمن لم يعزم على الانتباه ولم يكن معتادا (٢) ، مع ذهابهما إلى المضايقة في حديث الغسل قبل الفجر ، إذ لو قيل بالمواسعة يمكن القول بالحرمة ، لأنّ زمان النوم زمان التكليف ، وأمّا على المضايقة فليس الحرمة إلاّ بواسطة احتمال تفويت التكليف في حقّه ، وإلاّ فيمكن أن يقال : إنّ زمان النوم ليس زمان التكليف ولا يجب إبقاء القدرة فلا يحرم النوم وإن علم بعدم الانتباه قبل الفجر.
ومنها : ما ذكره غير واحد منهم (٣) ، من أنّه متى نذر واحد التصدّق بشاة مخصوصة على تقدير خاصّ ـ كقضاء حاجته مثلا ـ لا يجوز له التصرّف فيها من نقل ونحوه مطلقا أو فيما إذا علم تحقّق المنذور عليه ... إلى غير ذلك ممّا لا يخفى على المتتبّع في كلماتهم.
__________________
(١) راجع الفصول : ١٣٨ ، والقوانين ١٥٣ ، وكشف الغطاء ١ : ١٦٨ ـ ١٦٩ ، والجواهر ٨ : ٢٩٤ ـ ٢٩٥.
(٢) راجع الدروس ١ : ٢٧١ ، وغاية المراد ١ : ٣١٥ ـ ٣١٦ ، والمسالك ٢ : ١٨.
(٣) راجع المسالك ١ : ٣٦٠ ، والمدارك ٥ : ٣١ ، ومستند الشيعة ٩ : ٤٨ ـ ٤٩ ، والجواهر ١٥ : ٤٢ ـ ٤٦.