تكليف وبعدها لا توقّف للفعل الواجب على فعل محرّم ، فلا ضير في التكليف بالحجّ فيما إذا توقّف على ركوب دابّة مغصوبة موصلة إلى الميقات بعد وجود الموقوف عليه باختيار المكلّف الفعل المحرّم.
وليس في العقل ولا في الشرع ما ينافي ذلك. أمّا الأوّل فظاهر. وأما الثاني فلاشتراط الوجوب شرعا بنفس المعصية ، فعند عدم الشرط لا تكليف بالمشروط من دون تعلّق التكليف والوجوب بالمقدّمة الوجوبيّة أيضا ، وبعد وجوب المعصية وحصول الشرط يجب المشروط ولا يعقل تعلّق الطلب بالحاصل ، فلا محذور أصلا.
وإنّما الإشكال فيما إذا توقّف الواجب على فعل محرّم مقارن له في الوجود ، كترك أحد الضدّين الموقوف عليه فعل الآخر ، وكالاغتراف من الآنية المغصوبة للوضوء الموقوف على ذلك في أثناء العمل.
فالمشهور على سقوط التكليف في هذه الصورة ؛ إذ لو كان الفعل الموقوف على المقدّمة المحرّمة واجبا : فإمّا أن يكون وجوبه مشروطا بحصول الشرط أو مطلقا أو معلّقا ، ولا رابع بحسب الفرض ، وإن كان الثالث أيضا فاسدا ؛ لما عرفت في الهداية السابقة. والكلّ فاسد.
أمّا الأوّل ، فلأنّ المفروض عدم تحقق الشرط قبل زمان الاشتغال بالفعل ، فلا تكليف بالفعل عند عدم الشرط.
وأمّا الثاني ، فلأنّ التكليف بالفعل الموقوف على مقدّمة محرّمة تكليف بما لا يطاق ، لامتناع ارتكاب مقدّمته الوجوديّة شرعا ، والمانع الشرعي كالمانع العقلي. وأيضا لو كان واجبا مطلقا يلزم أن يكون المقدّمة الوجوديّة المفضية إليه واجبة مع أنّها محرّمة ، والتالي واضح الفساد ، والملازمة ظاهرة.
وأمّا الثالث ، فلأنّ الواجب المعلّق على تقدير تعقّله فهو إنّما يثمر في غير ما هو المعلّق عليه ، وأمّا في نفس المقدّمة المعلّق عليها ، فالأمر فيها لا يخلو :