منزلة الموجود ، والقائل بالأعم يدّعي مساواتهما في المجازيّة. وما ذكرنا ليس بذلك البعيد ، كما ستطّلع على تفصيله في توجيه (١) المختار (٢) ، وهو المعهود في أنواع المركّبات الكمّية في العرف والعادة.
ومن هنا يظهر فساد ما قد يتخيّل في المقام : من لزوم سبك المجاز عن مثله على تقدير جريان النزاع بناء على القول بعدم ثبوت الحقيقة الشرعيّة ، ولا ريب في كونه نادرا على تقدير صحّته ووقوعه ، فلا ينبغي حمل هذا النزاع المعروف على ما لم نجد له شاهدا في كلام العرب. وأمّا الملازمة ، فلأنّ استعمال اللفظ في الصحيحة حينئذ (٣) إنّما هو لعلاقة بينها وبين المعنى اللغوي ، من علاقة الإطلاق والتقييد أو غيرها ـ كما في الحجّ على ما قيل (٤) ـ واستعماله في الأعم لا بدّ وأن يكون بواسطة مشابهة ومشاكلة بينه وبين الصحيحة في الصورة ، فاستعماله فيه إنّما هو بواسطة علاقة بينه وبين المعنى المجازي ، وهو المراد باللازم.
وجه الفساد : هو ما عرفت ، من أنّ ذلك ليس مجازا لفظيّا آخر غير ما هو اللازم من الاستعمال في الصحيحة ، ولا نرى بعدا في وقوع مثل هذا التصرّف العقلي على تقدير المجازيّة ، كما لا يخفى.
وممّا ذكرنا يتّضح حال النزاع على تقدير ثبوت الحقيقة المتشرّعة (٥) ، فإنّه جار عليها بوجه أولى ؛ فإنّ النقل فيها لا بدّ وأن يكون تعيّنيّا ، وهو مسبوق بكثرة الاستعمال على وجه الغلبة بل الأغلبيّة ، فالقائل بالصحيح يدّعي أنّ ما هو الآن
__________________
(١) في « ع » بدل « توجيه » : « وجه ».
(٢) انظر الصفحة ٥٦.
(٣) لم يرد « حينئذ » في « ع ».
(٤) انظر المعالم : ٣٥ ، وستأتي الإشارة إليه في الصفحة ٣٥.
(٥) كذا ، والمناسب : « المتشرّعيّة ».