وقد عرفت جريان النزاع على تقدير أن يكون المعنى مركّبا على القولين على الوجه الثاني ، من غير فرق في ذلك بين أن يكون ذلك المعنى المركّب مباينا للمعنى اللغوي باعتبار مناسبة بينهما ، كما في لفظ « الحجّ » الموضوع لغة للقصد المنقول منه شرعا إلى المناسك المخصوصة ـ كما قيل (١) ـ أو يكون المعنى اللغوي جزءا من الأجزاء المعتبرة في ذلك المعنى ، كلفظ « الصلاة » الموضوعة لغة للدعاء ، المنقول إلى الأركان المخصوصة والماهيّة المعهودة.
وأمّا إذا كان الاختلاف بين المعنى اللغوي والمعنى الشرعي بالإطلاق والتقييد ، فإمّا أن نلتزم بالوضع والنقل ـ كما يدّعيه القائل بالحقيقة الشرعيّة ـ أو لا نلتزم ، فعلى الأوّل يجري النزاع دون الثاني.
أمّا الأوّل ، فلأنّ القائل بالصحيح يدّعي أنّ اللفظ إنّما هو منقول لخصوص المطلق الذي يحصل في ضمن القيد الخاصّ ، والقائل بالأعم يدّعي الوضع للمعنى الأعم من ذلك المطلق الذي هو فاسد شرعا ومن خصوص المقيّد ، فاستعمال اللفظ في خصوص المقيّد إنّما هو على وجه الحقيقة على القولين ، بخلاف ما إذا لم نقل بالحقيقة الشرعيّة ؛ فإنّ الاستعمال المذكور مجاز لابتنائه على إرادة الخصوصيّة من لفظ المطلق.
لا يقال : على القول بالأعم لا بدّ وأن يكون استعماله في خصوص المقيّد مجازا ؛ لأنّه يكون كسائر الألفاظ المطلقة ـ كما هو ظاهر ـ والقائل (٢) بالأعم لا بدّ وأن لا يلتزم بالوضع في هذا القسم ؛ إذ المعنى المنقول إليه هو المعنى المنقول منه حينئذ بعينه ، كما لا يخفى.
__________________
(١) انظر المعالم : ٣٥.
(٢) في « ط » : « فالقائل ».