قلت : ما ذكرنا (١) باطل وإن قلنا بإمكان التشكيك ؛ ضرورة وجود الفرق بين المقامين ، فإنّ القائل بإمكانه إنّما يقول به فيما كان الزائد بعينه من جنس الناقص ، ويكون ما به الامتياز فيه عين ما به الاشتراك ومن سنخه ، بخلاف المقام ؛ فإنّ الزائد مباين للناقص ، وهو مستحيل بالضرورة لا يحتاج إلى تجشّم الاستدلال وتطويل المقال.
فإن قلت : نحن لا نقول بأنّ تلك الأركان المخصوصة قدر مشترك بين الزائد والناقص ليلزم ما ذكر من المحذور ، بل نقول : إنّ لفظ « الصلاة » مثلا موضوعة للأركان المخصوصة ، وباقي الأجزاء خارجة عنها وعن المسمّى ، لكن مقارنتها لغيرها لا يمنع من صدق اللفظ على مسمّاه.
قلت : ذلك أيضا ممّا لا يلتزم به القائل المذكور ؛ إذ بناء على ذلك يصير استعمال اللفظ في الصحيحة المستجمعة للشرائط والأجزاء من قبيل استعمال اللفظ الموضوع للجزء في الكلّ ، وهو مجاز قطعا ، والظاهر من كلامه كونه حقيقة ، بل واستعماله في الفاسدة مع الزيادة على الأركان أيضا مجاز.
ولا وجه لما يتوهّم : من أنّه يمكن أن يكون الاستعمال المذكور حقيقة ، من قبيل استعمال الحيوان الموضوع للجزء في الإنسان ؛ لأنّ استعماله في الحيوان الناطق مجاز ولو بملاحظة علاقة الكلّي والفرد ، فكيف بملاحظة علاقة الكلّ والجزء ، وهو في غاية الظهور.
والحاصل : أنّ القائل بالأعم على هذا الوجه ، إمّا أن يقول : بأنّ اللفظ موضوع للقدر الجامع بين الأقلّ والأكثر والناقص والزائد على وجه تكون الزيادة من حقيقة القدر المشترك ، وإمّا أن يقول : بأنّ اللفظ موضوع للأجزاء المعيّنة
__________________
(١) في « ع » : « ما ذكرت ».