أحدهما : تنزيل ما هو المعدوم منزلة الموجود ، ثمّ إطلاق اسم الكامل على الناقص ، فإنّ ذلك لا يستلزم مجازا في اللفظ ـ كما في الاستعارة على ما يراه السكّاكي (١) ـ بل التصرّف إنّما هو في أمر عقلي.
وثانيهما : دعوى حصول الوضع للناقص على وجه التعيّن دون التعيين ، إلاّ أنّه ليس كسائر الأوضاع التي يتوقّف على كثرة الاستعمال وامتداد مدّة طويلة ، بل يكفي فيه عدّة استعمالات من حيث المشابهة الصوريّة والانس ، وذلك ممّا لا ينبغي أن يستبعد عند الملاحظ المتأمّل في طريقة المحاورات العرفيّة ، فإنّ من اخترع معجونا سمّاه « المفرّح الياقوتي » يتسامح في إطلاقه على الناقص جزءا (٢) ، تنزيلا له منزلة الموجود ، بل ولا يبعد دعوى حصول الوضع له سيّما إذا كانت عمدة التأثير الحاصل بالمركّب التام حاصلا به أيضا ، كما أومأنا إليه في تصوير مذهب القائل بالصحيح. إلاّ أنّ الفرق بين القولين ـ بعد توافقهما في أنّ الصلاة بحسب الوضع الشرعيّ مخصوص بذلك المعجون التامّ ـ : أنّ القائل بالأعم يدّعي حصول الحقيقة في الأفراد الفاسدة أيضا ، والقائل بالصحيح يقصر في دعوى ذلك على الأفراد الصحيحة.
وهو أيضا مشكل ؛ أمّا أوّلا : فلأنّ القائل بالأعم أيضا لا يتأتّى منه الأخذ بالإطلاق.
وأمّا ثانيا : فلأنّ المفروض أنّ الناقص جزءا قد تكون صحيحة من أحد وفاسدة من آخر ، ولا يعقل كون اللفظ حقيقة في الناقص من حيث كونه صحيحا ومجازا من حيث كونه فاسدا. فتأمّل في المقام ، فإنّه من مزالّ الأقدام.
__________________
(١) مفتاح العلوم : ١٦٤ ـ ١٦٥.
(٢) لم يرد « جزءا » في « م ».