وقد صرّح أيضا في مباحث الأوامر : أنّ إطلاق الأمر ممّا يمكن التمسّك به عند الشكّ في التعبّدية ، فراجعه (١).
وثانيا : لو أغمضنا عن ذلك ، وقلنا بأنّه يصحّ أن يكون القربة قيدا للمأمور به ، فنقول : ما أفاده فاسد أيضا ، حيث إنّ المحذور كلّ المحذور في التقرّب بترك ما هو فعله ممّا يتقرّب به ، فإنّه هو التناقض اللازم في المقام ، ومن الواضح أنّ اتّصاف طرفي النقيض بالتقرّب أمر محال لا يمكن أن يعقل.
نعم ، يصحّ ذلك في القيود التي يكون من قبيل الإجابة ، فالصوم من حيث كونه صوما مستحبّ فعله ، وتركه من حيث إنّه إجابة للمؤمن يمكن أن يكون مستحبّا ، فالتقرّب به ليس تقرّبا بترك الصوم بل بعنوان الإجابة المتّحدة مع الترك. وبذلك يظهر بطلان المقايسة المذكورة كما لا يخفى.
الخامس (٢) : ما نسب إلى الوحيد البهبهاني (٣) ، من أنّ المراد بكراهة العبادات مرجوحيّتها بالإضافة إلى غيرها من الأفراد. ولا ينافي ذلك رجحانها في حدود ذواتها. ولا ضير في ذلك ؛ فإنّه واقع في الشرع كثيرا ، فإنّ الغسل واجب نفسيّ على القول به ، ولا ينافي ذلك وجوبه الغيري ، ولا أقلّ من استحبابه النفسي مع وجوبه الغيري. ومثل ما نحن فيه (٤) الاتّزار فوق القميص في الصلاة وحمل الحديد فيها ، فإنّهما لا مرجوحيّة فيهما بحسب الشرع ، إلاّ أنّهما مرجوحان في الصلاة.
والإيراد على هذا الجواب ممّا لا حاجة إلى بيانه بعد ما عرفت.
__________________
(١) انظر الفصول : ٦٩.
(٢) من وجوه الحلّ.
(٣) راجع الفوائد الحائرية : ١٧٠ ـ ١٧١.
(٤) في ( م ) : وما نحن فيه مثل.