ولا غائلة ؛ فإنّ الترك إمّا أن يكون وقوعه من المكلّف في الخارج من غير التفات إلى القيدين فلا يكون موردا لحكم من الأحكام الشرعيّة ، وإن وقع منه من حيث إنّه صوم يكون مأمورا به فقط ، وإن وقع منه بعد لحوق عنوان « مخالفة المؤمن » و « ترك إجابته له » فهو مكروه منهيّ عنه بواسطة حسن الإجابة وكراهة عدمها.
وذلك يشبه الحكم بالوجوب التخييري ولو بحكم العقل في إنقاذ الغريقين اللذين لا يقدر المكلّف على الجمع بينهما ، فإنّه مخيّر بين فعل كلّ واحد منهما وتركه ، لا من حيث إنّ الترك ملحوظ بالقياس إلى الفعل ، بل من حيث إنّ ترك أحدهما مجامع لعنوان الإنقاذ في الآخر ؛ وإن كان بينهما فرق من حيث إنّ فعل الإنقاذ في أحدهما ليس نفس عدم الإنقاذ في الآخر ، فإنّ وجود أحد الضدّين ـ مثلا ـ ليس عين عدم الآخر ، وأمّا فيما نحن فيه فترك الصوم وفعل الأكل هو عين عنوان الإجابة ، وهو ظاهر.
وبالجملة ، فلا ضير في اتّصاف طرفي النقيض بالمطلوبيّة باعتبار احتفاف عنوان بهما ، ولا محالة يكون تعلّق الطلب بهما على وجه التخيير لامتناع طلب المتناقضين عينا.
وإذ قد تمهّد ذلك ، فنقول : إنّ الظاهر من ملاحظة النواهي الواردة في العبادات المكروهة التي لا بدل لها أنّها مكروهة بواسطة احتفافها بعنوان آخر ، كما يظهر بالتصفّح في مطاويها ، فإنّهم يحكمون بكراهة صوم الولد والزوجة مع نهي الوالد والزوج عنه ، وكراهة صوم العاشوراء ، وكراهة صوم المدعوّ إلى الطعام (١) ...
__________________
(١) انظر الشرائع ١ : ٢٠٩ ، والقواعد ١ : ٣٨٤ ، والجواهر ١٧ : ١١٩ ، وكشف الغطاء ٤ : ٥٤ ، ومستند الشيعة ١٠ : ٥١٤.