وأما سجود يعقوب لولده فإن السجود لم يكن ليوسف ، وإنما كان ذلك من يعقوب وولده طاعة لله تعالى وتحية ليوسف ، كما أن السجود من الملائكة لم يكن لآدم فسجد يعقوب وولده ويوسف معهم شكراً لله تعالى بإجماع الشمل . ألم تر أنه يقول في شكره في ذلك الوقت : رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ .. الآية .
وأما قوله : فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ ، فإن المخاطب بذلك رسول الله صلىاللهعليهوآله ولم يكن في شك مما أنزل الله إليه ، ولكن قالت الجهلة : كيف لم يبعث نبياً من الملائكة ؟ ولمَ لمْ يفرق بينه وبين الناس في الإستغناء عن المأكل والمشرب والمشي في الأسواق ؟ فأوحى الله إلى نبيه : فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ ، بمحضر من الجهلة ، هل بعث الله نبياً قبلك إلا وهو يأكل الطعام والشراب ، ولك بهم أسوة يا محمد ، وإنما قال : فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ ، ولم يكن ، للنصفة كما قال : فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ . ولوقال : تعالوا نبتهل فنجعل لعنة الله عليكم ، لم يكونوا يجيبوا إلى المباهلة ، وقد علم الله أن نبيه مؤدٍّ عنه رسالته ، وما هو من الكاذبين ، وكذلك عرف النبي صلىاللهعليهوآله بأنه صادق فيما يقول ، ولكن أحب أن ينصف من نفسه .
وأما قوله : وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ .. الآية ، فهوكذلك لو أن أشجار الدنيا أقلام والبحر مدادٌ يمده سبعة أبحر مداً ، حتى انفجرت الأرض عيوناً ، كما انفجرت في الطوفان ، ما نفدت كلمات الله ..