للعبادة في المسجد ، فحلف يحيى أنه لا مكروه عليه ، ثم فتش منزله فلم يجد فيه سوى مصاحف وأدعية وكتب العلم ، فعظم في عينه ، وتولى خدمته بنفسه .
فلما قدم بغداد بدأ بإسحاق بن إبراهيم الطائي « الطاهري » والي بغداد فقال له : يا يحيى هذا الرجل قد ولده رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والمتوكل من تعلم فإن حرضته عليه قتله وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم خصمك يوم القيامة . فقال له يحيى : والله ما وقفت منه إلا على خير . قال فلما دخلت على المتوكل أخبرته بحسن سيرته وورعه وزهده ، فأكرمه المتوكل .
ثم مرض المتوكل فنذر إن عوفيَ تصدق بدراهم كثيرة ، فسأل الفقهاء عن ذلك فلم يجد عندهم جواباً ، فبعث إلى علي الهادي فسأله فقال : تصدق بثلاثة وثمانين درهماً ، فسأله المتوكل عن السبب فقال : لقوله تعالى : لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ ، وكانت المواطن سبعاً وعشرين غزاة ، وبعث ستاً وخمسين سرية .
قال
المسعودي : نُمِيَ إلى المتوكل
بعلي بن محمد أن في منزله سلاحاً من شيعته من أهل قم ، وأنه عازم على الملك فبعث إليه جماعة من الأتراك فهجموا داره ليلاً فلم يجدوا فيها شيئاً ، ووجدوه في بيت مغلق عليه وهو يقرأ ، وعليه مدرعةٌ من صوف وهو جالس على الرمل والحصى ، متوجهاً إلى الله تعالى يتلو القرآن ، فحمل على حالته تلك إلى المتوكل ، فأدخل عليه وهو في مجلس الشراب والكأس في يد المتوكل ، فعظمه وأجلسه إلى جانبه وناوله الكأس فقال : والله ما خامر لحمي ودمي قط فاعفني ، فأعفاه وقال له : أسمعني صوتاً ، فقال : كم تركوا من