« ألا إن العجب كل العجب من جُهال هذه الأمة وضُلالها ، وقادتها وساقتها إلى النار ، لأنهم قد سمعوا رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول عوداً وبدءً : ما ولَّت أمة رجلاً قط أمرها وفيهم أعلم منه ، إلا لم يزل أمرهم يذهب سفالاً حتى يرجعوا إلى ما تركوا ! فولوا أمرهم قبلي ثلاثة رهط ، ما منهم رجل جمع القرآن ، ولا يدعي أن له علماً بكتاب الله ولا سنة نبيه . وقد علموا يقيناً أني أعلمهم بكتاب الله وسنة نبيه ، وأفقههم وأقرأهم لكتاب الله وأقضاهم بحكم الله .
وإنه ليس رجل من الثلاثة له سابقة مع رسول الله صلىاللهعليهوآله ولا غَناء معه في جميع مشاهده ، فلا رمى بسهم ، ولا طعن برمح ، ولا ضرب بسيف ، جبناً ولؤماً ، ورغبةً في البقاء . وقد علموا أن رسول الله صلىاللهعليهوآله قاتل بنفسه فقتل أبيَّ بن خلف ، وقتل مسجع بن عوف ، وكان من أشجع الناس وأشدهم لقاء ، وأحقهم بذلك .
وقد علموا يقيناً أنه لم يكن فيهم أحد
يقوم مقامي ، ولا يبارز الأبطال ولا يفتح الحصون غيري ، ولا نزلت برسول الله صلىاللهعليهوآله
شديدة قط ، ولا كَرَبَهُ أمرٌ ولا ضاق مستصعب من الأمر ، إلا قال : أين أخي علي ، أين سيفي ، أين رمحي ، أين المفرج غمي عن وجهي ! فيقدمني فأتقدم فأفديه بنفسي ، ويكشف الله بيدي الكرب عن وجهه . ولله عز وجل ولرسوله بذلك المَنُّ والطَّوْلُ ، حيث خصني بذلك ووفقني له . لم يكن لأبي بكر وعمر أي سابقة في الدين ، وإن بعض من سميت ما كان ذا بلاء ولا سابقة ولا مبارزة قرن ، ولا فتح ولا نصر ، غير مرة واحدة ،