فلم يتأخر عبيد الله عن الخدمة ، وعاد فجعل يمشي ويعرج ، فسأل المتوكل عن خبره فعرف الصورة ، فغلظ عليه ذلك ، وقال : إنما قَصَدَهُ إيتاخ لمحبتي له .
وكان قد اجتمع في نفس المتوكل من إيتاخ العظائم ، مما كان يعمل به في أيام الواثق ، ولا يقدر له على نكبته لتمكَّنه من الأتراك .
فأمر بأن يخلع على عبيد الله من الغد ، وأن لا يعرض أحد من أصحاب الدواوين عليه شيئاً ، وأن يدفعوا أعمالهم إليه ليعرضها ، وأجرى له في كل شهر عشرة آلاف درهم ، فندم إيتاخ على ما فعله ، وجعل يداري عبيد الله ويثاقفه ، وقوي أمر عبيد الله حتى حذف بنفسه من غير أمر إسمَ وصيف من التاريخ وأثبت إسمه . ثم أمر له المتوكل برزق الوزارة ، ثم خوطب بالوزارة بعد مُدَيْدَة وخلع عليه لها خلعاً أخر .
ثم قلَّده كتابة المعتز وخلع عليه ، ثم قلَّده كتابة المؤيد وخلع عليه ، وضمَّ المتوكل إلى ابنيه ، بضعة عشر ألف رجل ، وجعل تدبيرهم إلى عبيد الله ، فكان وزيراً أميراً . فلما تمكَّن هذا التمكَّن بالجيش والمحل ، عارض إيتاخ وبطَّأ حوائجه وقصده ، ووضع من كُتَّابه ، ولم يزل ذلك يقوى من فعله إلى أن دبَّرَ على إيتاخ ، فقتله على يد إسحاق بن إبراهيم الطاهري ببغداد ، بعد عود إيتاخ من الحجّ » .
وقال اليعقوبي « ٢ / ٤٨٨ » : « سخط المتوكل على محمد بن الفضل كاتب ديوان التوقيع لأمر وقف عليه منه ، فصير مكانه عبيدالله بن يحيى بن خاقان ورفعه وأعلى مرتبته وولاه وأمره أن يكتب : مولى أمير المؤمنين وكان ولاؤه في الأزد » .