مروءته ، فكانا يغريان الواثق عليه إذا خلوا به ، فسخط عليه الواثق وقبض على أملاكه وضياعه ، وأخذ منه جملة طائلة من المال ، ونفاه إلى جندي سابور ، وذلك في سنة ثلاثين ومائتين ، فلما اعتل بالإستسقاء وبلغ الشدة في مرضه ، أنفذ من يحضر بختيشوع ، ومات الواثق قبل أن يوافي بختيشوع .
ثم صلحت حال بختيشوع بعد ذلك في أيام المتوكل حتى بلغ في الجلالة والرفعة وعظم المنزلة وحسن الحال وكثرة المال وكمال المروءة ومباراة الخلافة في الزي واللباس والطيب والفرش والصناعات والتفسيح والبذخ في النفقات ، مبلغاً يفوق الوصف ، فحسده المتوكل وقبض عليه .
قال فثيون الترجمان : كان المعتز بالله قد اعتل في أيام المتوكل علة من حرارة امتنع معها من أخذ شئ من الأدوية والأغذية ، فشق ذلك على المتوكل كثيراً ، واغتم به وصار إليه بختيشوع والأطباء عنده وهو على حاله في الإمتناع ، فمازحه وحادثه ، فأدخل المعتز يده في كُمِّ جُبةِ وَشْيٍ يمانٍ مُثقله ، كانت على بختيشوع وقال : ما أحسن هذا الثوب ، فقال بختيشوع : يا سيدي ما له والله نظير في الحسن وثمنه عليَّ ألف دينار ، فكل لي تفاحتين وخذ الجبة ، فدعا بتفاح فأكل اثنتين ، ثم قال له : تحتاج يا سيدي الجبة إلى ثوب يكون معها ، وعندي ثوب هو أخٌ لها فاشرب لي شربة سكنجبين وخذه ، فشرب شربة سكنجبين ، ووافق ذلك اندفاع طبيعته . فبرأ المعتز وأخذ الجبة والثوب وصلح من مرضه .
فكان المتوكل يشكر هذا الفعل أبداً لبختيشوع .