ورأى الفتح غلماناً قد وُكلوا بتلك الطاقات ، مع كل غلام مجمرة فيها نِدٌّ يسجره ويبخر به ، والبيت من داخله إزارٌ من اسفيداج مخرم خروماً صغاراً لا تبين ، تخرج منها تلك الروائح الطيبة العجيبة إلى البيت .
فلما عاد الفتح وشرح للمتوكل صورة ما شاهده ، كثر تعجبه منه ، وحسد بختيشوع على ما رآه من نعمته وكمال مروءته ، وانصرف من داره قبل أن يستتم يومه ، وادعى شيئاً وجده من التياث بدنه ، وحقد عليه ذلك ، فنكبه بعد أيام يسيرة ، وأخذ له مالاً كثيراً لا يُقدر ، ووجد له في جملة كسوته أربعة آلاف سراويل دبيقي سيتيزي ، في جميعها تكك إبريسم أرميني .
وحضر الحسين بن مخلد فختم على خزانته ، وحمل إلى دار المتوكل ما صلح منها وباع شيئا كثيراً ، وبقي بعد ذلك حطب وفحم ونبيذ وتوابل ، فاشتراه الحسين بن مخلد بستة آلاف دينار . وذكر أنه باع من جملته بمبلغ ثمانية آلاف دينار .
ثم حسده حمدون ووشى إلى المتوكل وبذل فيما بقي في يده مما ابتاعه ستة آلاف دينار ، فأجيب إلى ذلك وسلم إليه فباعه بأكثر من الضعف .
وكان هذا في سنة أربع وأربعين ومائتين للهجرة .
ولما توفي بختيشوع خلف عبيد الله ولده وخلف معه ثلاث بنات ، وكان الوزراء والنظار يصادرونهم ويطالبونهم بالأموال ، فتفرقوا واختفوا ، وكان موته يوم الأحد لثمان بقين من صفر ، سنة ست وخمسين ومائتين » .