المؤمنين ؟ قال : خمسة آلاف ألف درهم . فتقدم عبيد الله في ضربها فضربت ، وعرفه الخبر . فقال : إصبغ منها بالحمرة والصفرة والسواد ، واترك بعضها على حاله . ففعل . ثم تقدم إلى الدم والحواشي ، وكانوا سبع مائة ، أن يعد كل واحد منهم قباءً جديداً وقلنسوةً على خلاف لون قباء الآخر وقلنسوته ، ففعلوا .
ثم عمد إلى يوم تحركت فيه الريح ، فنصبت له قبة لها أربعون باباً ، فاصطبح فيها ، والندماء حوله . ولبس الخدم الكسوة التي أعدها ، وأمر بنثر الدراهم كما ينثر الورد . فنثرت أولاً أولاً ، فكانت الريح تحمل الدراهم فتقف بين السماء والأرض كما يقف الورد . فكان من أحسن أيام المتوكل وأظرفه .
وكان البرج من أحسن أبنيته ، فجعل فيه صوراً عظاماً من الذهب والفضة ، وبركة عظيمة جعل فرشها ظاهرها وباطنها صفائح الفضة ، وجعل عليها شجرة ذهب ، فيها كل طائر يصوت ويصفر ، مكللة بالجوهر ، وسماها طوبى . وعمل له سرير من الذهب كبير ، عليه صورتا سَبْعَيْن عظيمين ، ودرج عليها صور السباع والنسور وغير ذلك ، على ما يوصف به سرير سليمان بن داود عليهاالسلام . وجعل حيطان القصر من داخل وخارج ملبسة بالفسيفساء والرخام المذهب . فبلغت النفقة على هذا القصر ألف ألف وسبعمائة ألف دينار .
وجلس فيه على السرير الذهب ، وعليه ثياب الوشي المثقلة ، وأمر ألا يدخل عليه أحد إلا في ثياب وشي منسوجة ، أو ديباج ظاهرة .