وصدق ابن خاقان ، فإن منصب الإمامة والرياسة عند الشيعة لا يناط بإرادة الحكام ، ولا ينال بالشفاعات والوساطات ، كما هو الشأن في تعيين المشيخات والقضاة والمفتين . إن الرياسة عند الإمامية تعود إلى إرادة الله سبحانه » .
وروى الصدوق في كمال الدين / ٣١٩ ، عن فاطمة بنت محمد بن الهيثم ، قالت : « كنت في دار أبي الحسن علي بن محمد العسكري في الوقت الذي ولد فيه جعفر ، فرأيت أهل الدار قد سُرُّوا به ، فصرت إلى أبي الحسن عليهالسلام فلم أره مسروراً بذلك فقلت له : يا سيدي ، ما لي أراك غير مسرور بهذا المولود ؟ فقال عليهالسلام : هَوِّني عليك أمره ، إنه سيُضَلُّ خلقاً كثيراً » . ورواه المسعودي في إثبات الوصية ٢٣٩ ، عن جماعة .
وروى
في الكافي « ١ / ٥٠٣ » حديثاً بليغاً يعطي
صورة واضحة عن الإمام العسكري عليهالسلام وأخيه جعفر ، قال : « كان أحمد بن عبيد
الله بن خاقان على الضياع والخراج بقم فجرى في مجلسه يوماً ذكر العلوية ومذاهبهم ، وكان شديد النصب فقال : ما رأيتُ ولا عرفتُ بسر من رأى رجلاً من العلوية مثل الحسن بن علي بن محمد بن الرضا ، في هديه وسكونه وعفافه ونبله وكرمه ، عند أهل بيته وبني هاشم ، وتقديمهم إياه على ذوي السن منهم والخطر ، وكذلك القواد والوزراء وعامة الناس . فإني كنت يوماً قائماً
على رأس أبي « كان أبوه رئيس
وزراء » وهو يوم مجلسه للناس ، إذ دخل عليه
حجابه فقالوا : أبو محمد ابن الرضا بالباب ، فقال بصوت عال : ائذنوا له ، فتعجبت مما سمعت منهم أنهم جسروا يكنون رجلاً على أبي بحضرته ولم يكن عنده إلا خليفة أو ولي عهد أو من أمر السلطان أن يكنى ! فدخل رجل أسمر ، حسن القامة ، جميل الوجه ، جيد البدن ، حدث السن ، له جلالة وهيبة ، فلما نظر إليه أبي قام يمشي إليه خُطىً ولا أعلمه فعل