ثم رده عليَّ فقلت : أيها الشيخ هل فيه شئ يستغرب ؟ فقال : نعم فيه حديث خطأ فقلت : أخبرني به ، فقال : والله لا أعرفنك ذلك حتى أجاوز قنطرة الياسرية ، وكان يخاف من أصحاب ابن صاعد !
فطالت عليَّ الأيام انتظاراً لوعده ، فلما خرج إلى الكوفة سرت معه ، فلما أردت مفارقته قلت : وعدك ؟ قال : نعم ، الحديث عن أبي سعيد الأشج ، عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة . ومتى سمع منه ؟! وإنما ولد أبوسعيد في الليلة التي مات فيها يحيى بن زكريا بن أبي زائدة !
فودعته وجئت إلى ابن صاعد فقلت له : ولد أبوسعيد الأشج في الليلة التي مات فيها يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ! فقال : كذا يقولون ، فقلت له : في كتابك حديث عن الأشج عنه ، فما حاله ؟فقال لي : عَرَّفك ذلك ابن عقدة؟ فقلت : نعم فقال : لأجعلن على كل شجرة من لحمه قطعةً !
ثم رجع يحيى إلى الأصول ، فوجد الحديث عنده عن شيخ غير أبي سعيد ، عن ابن أبي زائدة ، وقد أخطأ في نقله ، فجعله على الصواب » .
فقد كان ابن عقدة من كبار علماء الشيعة ، وكان حفظه عجيباً ، وقد خضع له المحدثون ، وألَّف الذهبي في ترجمته كتاباً ، وقال عنه في سير أعلام النبلاء : « ١٥ / ٣٤٠ » :
« الحافظ العلامة ، أحد أعلام الحديث ،
ونادرة الزمان ، وصاحب التصانيف ، وهو المعروف بالحافظ ابن عقدة . وكَتب عنه ما لا يُحد ولا يُوصف من خلقٍ كثير بالكوفة وبغداد ومكة ، وجمع التراجم والأبواب والمشيخة ، وانتشر حديثه وبعد