روى في الثاقب في المناقب / ٥٥٦ : « عن أبي العباس فضل بن أحمد بن إسرائيل الكاتب قال : كنا مع المعتز ، وكان أبي كاتبه ، فدخلنا الدار والمتوكل على سريره قاعد ، فسلم المعتز ووقف ووقف خلفه ، وكان عهدي به إذا دخل عليه رحب به وأمره بالقعود ، ونظرت إلى وجهه يتغير ساعة بعد ساعة ، ويقبل على الفتح بن خاقان ويقول : هذا الذي يقول فيه ما يقول ، ويرد عليه القول ، والفتح مقبل عليه يسكنه ويقول : مكذوب عليه يا أمير المؤمنين . وهو يتلظى ويقول : والله لأقتلن هذا المرائي الزنديق ، وهو الذي يدعي الكذب ، ويطعن في دولتي .
ثم قال : جئني بأربعة من الخزر وأجلاف لا يفقهون ، فجئ بهم ودفع إليهم أربعة أسياف ، وأمرهم أن يرطنوا بألسنتهم إذا دخل أبوالحسن ، وأن يقبلوا عليه بأسيافهم فيخبطوه ويقتلوه ، وهو يقول : والله لأحرقنه بعد القتل ، وأنا منتصب قائمٌ خلفه من وراء الستر ، فما علمت إلا بأبي الحسن عليهالسلام قد دخل ، وقد بادر الناس قدامه فقالوا : جاء ! والتفتُّ ورائي وهو غير مكترث ولا جازع ، فلما بصر به المتوكل رمى بنفسه من السرير إليه وهو بسيفه فانكب عليه يقبل بين عينيه ، واحتمل يده بيده وهو يقول : يا سيدي ، يا ابن رسول الله ، ويا خير خلق الله يا ابن عمي يا مولاي ، يا أبا الحسن ، وأبوالحسن يقول : أعيذك بالله يا أمير المؤمنين من هذا ! فقال : ما جاء بك يا سيدي في هذا الوقت ؟ قال : جاءني رسولك ، فقال المتوكل : كذب ابن الفاعلة ، إرجع يا سيدي من حيث جئت .