وأمير المؤمنين مشتاقٌ إليك ، يُحب إحداث العهد بك والنظر إليك ، فإن نشطتَ لزيارته والمقام قبله ما أحببت ، شخصتَ ومن اخترتَ من أهل بيتك ومواليك وحشمك ، على مُهْلَةٍ وطُمأنينة ، ترحل إذا شئت وتنزل إذا شئت ، وتسير كيف شئت . وإن أحببت أن يكون يحيى بن هرثمة مولى أمير المؤمنين ومن معه من الجند ، يرتحلون برحيلك ويسيرون بسيرك ، فالأمر في ذلك إليك ، وقد تقدمنا إليه بطاعتك ، فاستخر الله حتى توافي أمير المؤمنين ، فما أحد من إخوته وولده وأهل بيته وخاصته ألطف منه منزلة ، ولا أحمد له أثرةً ، ولا هو لهم أنظر وعليهم أشفق وبهم أبرُّ ، وإليهم أسكن منه إليك . والسلام عليك ورحمة الله وبركاته . وكتب إبراهيم بن العباس ، في شهر كذا من سنة ثلاث وأربعين ومائتين .
فلما وصل الكتاب إلى أبي الحسن عليهالسلام تجهز للرحيل ، وخرج معه يحيى بن هرثمة حتى وصل إلى سر من رأى . فلما وصل إليها تقدم المتوكل بأن يحُجب عنه في يومه ! فنزل في خان يعرف بخان الصعاليك ، وأقام فيه يومه ، ثم تقدم المتوكل بإفراد دار له فانتقل إليها .
ثم
روى المفيد رحمهالله :
عن صالح بن سعيد قال : دخلت على أبي الحسن عليهالسلام
يوم وروده فقلت له : جعلت فداك ، في كل الأمور أرادوا إطفاء نورك والتقصير بك ، حتى أنزلوك هذا الخان الأشنع خان الصعاليك . فقال : هاهنا أنت يا ابن سعيد ! ثم أوما بيده فإذا بروضات أنفات ، وأنهار جاريات ، وجنان فيها خيرات