اختار الله لنبيّه ( عليه الصلاة والسلام ) ما عنده ، وأتمّ له ما وعده ، وأظهر دعوته ، وأفلج حجّته ، وقبضه الله إليه ( صلوات الله عليه ) كان أبوك وفاروقه أوّل من ابتزّه حقّه وخالفه علىٰ أمره ، علىٰ ذلك اتّفقا واتّسقا ، ثمّ إنّهما دعواه إلىٰ بيعتهما فأبطأ عنهما وتلكّأ عليهما ، فهمّا به الهموم ، وأرادا به العظيم (١).
٢ ـ وهذا نصّ آخر من نهج البلاغة نفسه يبين فيه الإمام عليهالسلام دفعه عن حقّه في الخلافة ، والاستئثار عليه ؛ قال عليهالسلام : « فو الله ما زلت مدفوعاً عن حقّي ، مستأثراً علَيَّ منذ قبض الله نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم حتّىٰ يوم الناس هذا » (٢).
٣ ـ وقال عليهالسلام في مورد آخر : « حتّىٰ إذا قبض الله رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم رجع قوم علىٰ الأعقاب ، وغالتهم السبل ، واتّكلوا علىٰ الولائج (٣) ، ووصلوا غير الرحم ، وهجروا السبب الّذي أُمروا بمودّته (٤) ، ونقلوا البناء عن رصّ أساسه فبنوه في غير موضعه » (٥).
٤ ـ وقال عليهالسلام يوم الشورىٰ : « وقد قال قائل : إنّك علىٰ هذا الأمر يا بن أبي طالب لحريص. فقلت : بل أنتم والله لأحرص وأبعد ، وأنا أخصّ وأقرب ، وإنّما طلبت حقّاً لي تحولون بيني وبينه ، وتضربون وجهي دونه.
__________________
(١) راجع تمام الرسالتين في جمهرة رسائل العرب ١ / ٥٤٥ ، مروج الذهب ٣ / ٢١ ، شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ٣ / ١٩٠ ، وقعة صِفّين : ١٢٠ ، أنساب الأشراف : ٣٩٦.
(٢) راجع : نهج البلاغة ـ تعليق الشيخ محمّد عبده ـ ١ / ٤٢.
(٣) الولائج : جمع وليجة ; وهي : البطانة ، وخاصّة الرجل من أهله وعشيرته ، ويراد بها دخائل المكر والخديعة. نهج البلاغة ـ تعليق الشيخ محمّد عبده ـ ٢ / ٣٦.
(٤) وهم أهل بيت النبوّة الّذين أمر الله المسلمين بمودّتهم في قوله عزّ من قائل : ( قُل لاَّ أَسَْلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِى القربىٰ ). سورة الشورىٰ : الآية ٢٣.
(٥) نهج البلاغة ـ تعليق الشيخ محمّد عبده ـ ٢ / ٣٦.