إنّه أساءَ لنفسه بعمله من حيث ظنّ أنّه يحسن إليها ، وإنّه أعطىٰ لخصمه حقّاً من حيث أراد أخذه منه ..
فقد اعترف بأنّ هذا الحديث لا يراد منه الولاية الّتي بمعنىٰ المحبّة أو النصرة ، وهما ضدّ العداوة لعدم اختصاص ذلك بزمان ، إذ تكون لفظة « بعدي » نافية لهما ، وهذان المعنيان هما اللذان فقط يمكن تصوّرهما من معاني « الولي » في المقام دون المعاني الأُخرىٰ كلّها ، بالإضافة إلىٰ معنىٰ « الأوْلىٰ بالتصرّف » أو « الولاية » الّتي تعني الإمارة ، وبنفيهما لم يَتَبقَّ سوىٰ معنىٰ : « الأوْلىٰ بالتصرّف » المماثل لمعنى قوله تعالىٰ في سورة المائدة : ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) (١).
فهو ـ أي ابن تيمية ـ قد اتّفق معنا من حيث نفي الدلالة علىٰ إرادة المحبّة أو النصرة في الحديث ، الّتي يتشبّث بهما آخرون من دون تحصيل ، ولكنّه ـ وبسبب أنّ هذا الحديث الشريف وما يماثله من أحاديث في المضمون واللفظ تنسف عقيدته من أساسها ـ اختار طريقاً آخر في الردّ
__________________
٤١٨ ـ أنّ الشطر الأوّل من حديث الغدير ، وهو قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « مَن كنت مولاه فهذا عليّ مولاه » ضعيف. وأنّ الشطر الثاني ، وهو قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « اللّهمّ والِ مَن والاه وعادِ من عاداه » كذب ..
وقد ردّ عليه الشيخ الألباني بتحقيق موسّع عن الحديث المذكور ، إلىٰ أن قال : وجملة القول : إنّ الحديث صحيح بشطريه ، بل الأوّل منه متواتر عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كما يظهر لمَن تتبّع أسانيده وطرقه ..
وعن دعوىٰ التضعيف والتكذيب قال : وهذا من مبالغاته الناتجة ـ في تقديري ـ من تسرّعه في تضعيف الأحاديث قبل أن يجمع طرقها ، ويدقّق النظر فيها. انتهىٰ. سلسلة الأحاديث الصحيحة ٥ / ٣٣٠ ـ ٣٤٤.
(١) سورة المائدة : الآية ٥٠.