حتّىٰ رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام يدعون إلىٰ محقّ دين محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أرىٰ فيه ثلماً أو هدماً تكون المصيبة به علَيّ أعظم من فوت ولايتكم الّتي إنّما هي متاع أيّام قلائل ... » (١).
وقد ورد عنه عليهالسلام في النهج أيضاً أنّه قال للناس ، عندما عزموا علىٰ بيعة عثمان : « لقد علمتم أنّي أحقّ الناس بها من غيري ، ووالله لأسلمنّ ما سلمت أُمور المسلمين ، ولم يكن فيها جور إلاّ علَيَّ خاصة ; التماساً لأجر ذلك وفضله ، وزهداً في ما تنافستموه من زخرفه وزبرجه ... » (٢).
أقول :
لو كانت الخلافة شورىٰ وأنّ الإمام عليهالسلام ملزم ببيعة مَن يختاره المسلمون ـ حسب هذه الدعوىٰ ـ لَما جاز له أن يعدّ اختيار غيره جوراً عليه خاصة ، ولَما كان فعلهم تنافساً علىٰ زخرف الدنيا وزبرجها ..
كيف ؟! وهم لم يفعلوا شيئاً سوىٰ ترشيح أنفسهم ، وهو أمر مباح لهم حسب هذه الدعوىٰ ، لو صحّ أمرها ، فلا معنىٰ إذاً لتظلّم الإمام عليهالسلام ، ولا معنىٰ لذمّهم بالتنافس علىٰ الدنيا ، سوىٰ التنبيه علىٰ مخالفتهم للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم الّذي نصّ عليه في أكثر من موضع وموضع ، وهو الأمر الّذي أشار إليه الإمام عليهالسلام بقوله : « لقد علمتم أنّي أحقّ الناس بها من غيري ».
ولم يكن علم الناس بحقّه عليهالسلام ، الّذي أشار إليه هنا ، لولا شيوع النصّ عليه وتسامع الناس به ، فيوم الغدير ليس عنهم ببعيد ، وقد استمع
__________________
(١) نهج البلاغة ـ تعليق الشيخ محمّد عبده ـ ٣ / ١١٩.
(٢) نهج البلاغة ـ تعليق الشيخ محمّد عبده ـ ١ / ١٢٤.