به إليّ » (١).
وذكر عليه السلام أنّه استقىٰ علمه هذا من رسول الله صلّىٰٰٰ الله عليه وآله ; إذ قال له بعض أصحابه : لقد أُعطيت يا أمير المؤمنين علم الغيب.
فقال عليه السلام : « ليس هو بعلم غيب ، وإنّما هو تعلّم من ذي علم ، وإنّما علم الغيب : علم الساعة وما عدّد الله سبحانه بقوله : ( إِنَّ الله عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْض تَمُوتُ إِنَّ الله عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) (٢) ، فهذا علم الغيب الذي لا يعلمه أحد إلاّ الله ، وما سوىٰ ذلك فعلم علّمه الله لنبيّه فعلّمنيه ، ودعا لي بأن يعيه صدري وتضطم عليه جوانحي » (٣).
وهذا « النهج » في الواقع هو جزء يسير من كلام أمير المؤمنين عليّ ابن أبي طالب عليه السلام ، الذي ملأ السهل والجبل ، وانتقل في البدو والحضر ، رواه علىٰ كثرته الرواة ، وحفظه العلماء والدارسون ..
قال المسعودي : « والذي حفظ الناس عنه من خطبه في سائر مقاماته أربعمائة خطبة ونيّف وثمانون خطبة يوردها علىٰ البديهة ، تداول عنه الناس ذلك قولاً وعملاً » (٤).
وظلّ كلامه عليه السلام طيلة قرون عديدة محفوظاً في الصدور ، مرويّاًً علىٰ الألسنة ، وحاول كثير من العلماء والأُدباء علىٰ مرّ العصور أن يُفردوا لكلامه كتباً خاصّة ودواوين مستقلّة ..
__________________
(١) نهج البلاغة : ٣٠٧ خطبة رقم ١٧٥.
(٢) سورة لقمان ٣١ : ٣٤.
(٣) نهج البلاغة : ٢٢٨ خطبة رقم ١٢٨.
(٤) مروج الذهب ٢ : ٤٣١.