تعطوني أجرا عصيان ، كما لو قال : لا أصلّي الظهر إلّا كذلك ، مع أنّه لا يصير عمله ملكا والأخذ حتّى يأخذ عوضه منه ، بل لا يخرج عن ملكه ، فكيف يأخذ العوض ، ويجمع بين العوض والمعوّض؟! فلا معنى لكون ما يأخذ عوضا ولا أجرة وأجرا وملكا والأخذ تملّكا.
نعم ، لو وهبه واهب بغير عوض أصلا ولا معاوضة مطلقا فهو أمر آخر ، وأمّا وجوب الصناعات فإنّما هو لحصول النظام ، وهو كما يتحقّق مجّانا كذا يتحقّق بعنوان أخذ الأجرة ، بل تحقّقه بالأوّل بعنوان عدم جواز أخذ الأجرة محلّ نظر ، بل غير خفيّ عدمه ، والمتحقّق المشاهد تحقّقه بالثاني ، كما لا يخفى ، فتأمّل.
وبالجملة ، حاله حال من عنده الطعام والناس مضطرّون إليه ، كما في المخمصة ، كما مرّ في حكاية الاحتكار ، إذ لا شكّ في أنّه لا يجب أن يبذل مجّانا.
نعم ، لو وجد مضطرّ غير قادر على العوض بوجه من الوجوه ، حتّى على سبيل الاقتراض يجب حينئذ حسبة وكفاية ، ولو تعيّن عليه فعينا (١) ، لكن هذا أمر آخر ، فتدبّر.
والحاصل ، أنّه لا فرق بين وجوب إعطاء الأعيان ووجوب إعطاء المنافع ، ولا بين الوجوب العيني والوجوب الكفائي ، ولا بين العبادات ـ وهي الّتي لا تصحّ إلّا بالنيّة ـ وبين غير العبادات ـ وهي الّتي تصحّ بغير النيّة ـ في أنّه إذا خوطب بفعله وثبت وجوب تحقّقه لا يجوز توقيفه على أخذ الأجرة ، فيكون الأخذ حراما أيضا ، لما عرفت.
وأمّا الواجبات الكفائيّة الّتي هي من قبيل الصناعات وبيع الأعيان ، ممّا هو واجب لحصول النظام ، ودفع الضرر ، وكذا الواجبات العينيّة الّتي هي من هذا
__________________
(١) في ألف ، ب : ( معيّنا ).