ناقل ، لأنّهم يجعلون تعلّق الدين به تعلّقه بالرهن لا تعلّقه بأرش الجناية ، على أنّه لو كان تعلّقه تعلّق أرش الجناية لكان النقل أيضا متحقّقا ، لأنّ المال المعيّن هو حقّ الضامن وماله ، وكيف يتعلّق به مع بقائه على ذمّة الضامن؟ فتأمّل! ولإطلاق قولهم : إنّ الضمان ناقل عندنا ، ولأنّه لو لم يكن ناقلا لكان الدين في ذمّة المضمون عنه باقيا كما هو ، فلا معنى لعدم تسلّط صاحب المال على المضمون عنه أصلا وتسلّطه على رجل آخر غير مشغول ذمّته بحقّه مطلقا ، بل لا بدّ أن يرجع إلى المضمون عنه لو لم ينتقل الحق ، كما صرّحوا به (١).
والحاصل ، أنّه على تقدير صحّة هذا الضمان لا بدّ أن يكون نقلا خاصّا ، وأن يكون اشتغال ذمّة الضامن بهذا النحو ، كما إذا باع سلفا نوعا خاصّا من المبيع فاتّفق عدم مجيئه في السنة الّتي باعه.
على أنّ الفقهاء جعلوا شغل ذمّة الضامن مطلقا من المحتمل ، بأنّه لو تلف ذلك المال بغير تفريط منه يكون ضامنا أن يعطي من غيره ، وإن كانوا جعلوا بطلان الضمان في صورة التلف احتمالا آخر.
وممّا ذكر ظهر ما في قوله : بل معه أيضا. (٢)
قوله : لعدم الصراحة في كون هذا القول بعد قول المعطي بحمل بعير ، مع أنّه جعالة .. إلى آخره (٣).
لا يخفى ظهور تعلّقه بحمل بعير ، وكونه جعالة لا يضرّ ، لقول بعض أصحابنا بصحّة الضمان في مال الجعالة أيضا ، منهم العلّامة في « القواعد » ، لأنّه كان في ذمّته
__________________
(١) مسالك الأفهام : ١ ـ ٢٠٠.
(٢) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٢٨٦.
(٣) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٢٨٧ ، وقد وردت هذه العبارة مرتكبة ومختلفة في النسخ الخطّية فرتّبناها على ما هي مرتّبة عليه في المصدر.