المنقول بخبر الواحد حجّة مثل خبر الواحد ، لأنّه خبر الواحد العادل ، فيشمله ما دلّ على حجّيته.
وما قيل من أنّه خبر مرسل فلا يكون حجّة لجهالة الواسطة ، فبطلانه في غاية الوضوح ، لأنّ العادل يدّعي يقينه بالإجماع ـ كما هو مقتضى اصطلاحه ، وظاهر من القرائن الخارجة أيضا ـ ولا يدّعي أنّه أخبر مخبر بالإجماع وأخبر ذلك المخبر مخبر ، وما أعرف كم الوسائط ، إذ القطع حاصل بفساد هذا ، وأنّهم كان يحصل لهم اليقين في زمانهم بالإجماع ، كما يحصل لنا اليقين الآن كثيرا ، إذ لم نر أحدا من الفقهاء ـ حتّى الطاعن المذكور ـ إلّا وأنّه قد أكثر من دعوى الإجماع على سبيل اليقين.
والخبر لا يجب أن يكون علمه حسّيا ، إذ غالب أخبار الآحاد مناطه الحدس ، كالمكاتبة والرواية بالقراءة على الأستاد والإجازة وأمثال ذلك ، مع أنّه ربّما كان في السند سقط أو اشتباه وأمثال ذلك ويتمسّك في نفيها بالأصل والظاهر.
مع أنّ ما دلّ على حجّية خبر الواحد عام يشمل القسمين ، على أنّ واسطة نقل الإجماع لا شبهة في كونه من الفقهاء.
قوله : في عدم الرجوع بعد الرضا ، فلا بدّ من تأويلها .. إلى آخره (١).
كون المراد من الإبراء نفس القبول ليس بذلك البعيد ، وأظهر من ذلك حمل الرواية (٢) على صورة تحقّق الحوالة العرفيّة ، بأن قال للمحتال : خذ طلبك من فلان ، من دون إظهار معاوضة دينه عليه بدين على المحال عليه ، والمحتال أيضا رضي بأخذ طلبه من فلان ، من دون معاوضة دين بدين والرضا فيها.
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٣١٠.
(٢) أي : رواية عقبة بن جعفر : وسائل الشيعة : ١٨ ـ ٤٣٤ الحديث ٢٣٩٩٣.