أنّ غير المعيّن لا يتحقّق في الخارج ، فكيف يكون غير المتحقّق في الخارج حقّا ثابتا في الخارج بمجرّد العقد ومن حينه؟! نعم ، يصير الكلّي ثابتا في الذمّة ، لتحقّقه بتحقّق فرده ، وأمّا غير المعيّن فلا يوجد ولا يتحقّق ، فلو جاز كفالة غير المعيّن لجاز بيع غير المعيّن وإجارته ، فتأمّل جدّا.
نعم ، يمكن أن يقال : جعلت هذا حقّك فإن لم أسلّم فعليّ كذا ، لا أن يقول : فإن لم أجعله حقّك فعليّ كذا.
فعلى هذا ، يصحّ أن يقول : كفلت زيدا فإن لم أحضره أؤدّي ما عليه ، وبعد الأداء يسقط حقّ الكفالة ، بخلاف أن يقول : كفلت زيدا فإن لم أحضره فعليّ إن أحضر عمرا ، أو : فأنا كفيل بعمرو.
فإن كان المراد الكفالة عنهما ، أحدهما بالأصالة والثاني بالشرط في ضمن العقد لا بعقد الكفالة لعدم صحّة التعليق ، يكون صحيحا ، وإن أراد أنّ حقّ كفالة زيد يكون ساقطا فلا يكون صحيحا بالنسبة إلى كفالة زيد ولا بالنسبة إلى كفالة عمرو ، وذلك ظاهر.
قوله : لأنّ المتلقّاة صحّة الكفالة مجملة ، بحيث يصدق عليه .. إلى آخره (١).
هذا يتوقّف على ثبوت الكلّية بدليل ظاهر ، وقد عرفت التأمّل في العموم الّذي ادّعاه ، إلّا أن يقال : عموم ( أَوْفُوا ) (٢) لا تأمّل فيه بحيث يشمل ما ذكر ، لأنّه عقد يدلّ على كفالة بمعونة القرينة ، إن كانت قرينة واضحة لا يكون تأمّل فيها ، إذ حمل كلام العاقل على الممكن لا يقتضي تعيين ما ذكره ، إذ لعلّ مراده
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٩ ـ ٣١٨.
(٢) المائدة ٥ : ١.